السنن الاجتماعية التي يترتب عليها استقرار الممالك أو انهيارها، وإذا كان مبدأ العدل يأتي في مقدمتها فهناك أيضا مجموعة من الضوابط السلوكية التي تتعلق بالأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية بعضهم ببعض، مثل ظهور الفساد، وتفشي المنكر، واللامبالاة، وضياع رابطة الأخوة الدينية، وسيادة عيشة الترف والرفاهية التي تتحول على يد المترفين من مستوى الوسائل إلى مستوى الغايات والمقاصد؛ مما يترتب على ذلك من خلل في ترتيب الأولويات في المجتمع، حيث تتحول الوسائل إلى غايات ومقاصد؛ وبالتالي تتنافس الأفراد والمجتمعات في أمور لا يجوز التنافس فيها وتتناسى أمورا هي أولى بالتنافس والاهتمام, وذلك كله بسبب الخلل الواقع في ترتيب الأولويات في المجتمع. ومن هنا سادت مظاهر الانحلال والفساد كما قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16] .
هذه القوانين الاجتماعية وضعها القرآن الكريم أمام المسلم ليتأملها بعين البصيرة كما يتأمل القوانين الطبيعية تماما بعين البصر, فكلاهما خاضع لقانون السببية. وكما أن الأسباب لا تتخلف عنها مسبباتها في الكون الطبيعي إلا عند حدوث المعجزة, فكذلك الأمر في الكون الاجتماعي, إذا وجدت أسباب انهيار الممالك كالظلم، والفساد، واللامبالاة، وتفشي المنكرات, وضياع العلم وإهمال دور العلماء ... إلخ، فلا بد أن تتبع المسببات أسبابها وهذا ما حذر منه