والإفادة منها، ثم إن القوانين التي يكتشفها الإنسان في هذا الكون هي أيضا من صنع الخالق سبحانه, فهو الذي خلق السبب وجعله مؤثرا، وخلق المسبب وجعله قابلا للأثر.

وإذا كانت هذه الأمور التي يتشكل منها الموقف المعرفي كله مخلوقة لله بما فيها الإنسان نفسه، فإن فلسفة الإسلام في هذا الموقف تفرض على الإنسان أن يحسن توظيف العلم لصالح الإنسان ودفع الضار عنه وليعمر به الكون؛ لأن العناصر المكونة للموقف المعرفي كله مخلوقة لله كما سبق، وينبغي أن يوظف العلم الناتج عن هذا الموقف المعرفي لتحقيق إرادة الله في كونه.

وننبه هنا إلى أمور قصدها الشارع من توظيف العلم وعلاقة العلم بالوحي:

الأمر الأول: تحقيق الوظيفة الكونية وهي أن نجعل هذا الكون آية دالة على خالقه, كما أشار القرآن في قوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11] , وأن نجعله مفتاحا يلج منه الإنسان إلى الإيمان بعالم الغيب: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} وما لم يجعل الإنسان هذا الكون آية دالة على خالقه فإنه بذلك يكون قد فاته المعنى الإلهي من معرفته بالكون؛ لأن الخلق في ذاته آية دالة على وجود الخالق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015