وإذا كان هذا هو واقع المسلمين: التخلف, الجهل، الأمية, الفقر، فهل من الإنصاف أن نجعل هذا الواقع المتردي دليلا نحكم به على الإسلام بأنه سبب تخلف المسلمين؟
أليس من الأجدى والأقرب إلى روح المنهج العلمي أن يقرأ هؤلاء الإسلام في نصوصه من الكتاب والسنة ليتعرفوا على موقفه من العلم كمفتاح للنهضة، وعلى العدل والشورى كأساس للحكم، ويعرفوا أن الإسلام يجعل هذه الأسس أصولا لقيام الممالك واستقرارها, وازدهار الحضارات ونهضتها؟
إن الحكم على الإسلام من واقع المسلمين أمر مقصود في ذاته يلجأ إليه البعض ويروجون له؛ لأنهم لم يجدوا في نصوص الإسلام دليلا على موقفهم المعادي للإسلام إلا واقع المسلمين المتخلف, فجعلوه سندا لهم ودليلا على ترويج أفكارهم ضد الإسلام، فخلعوا على الإسلام أوصاف الكنيسة، كما خلعوا على علماء الإسلام أوصاف رجال الكنيسة, فصاروا رموزا للتخلف والجهل والخرافات. وسار في نفس الطريق جمهور كبير من العلمانيين ودعاة التنوير في بلادنا ممن لا تربطهم بالإسلام إلا صلة الاسم وشهادة الميلاد, فقرءوا الإسلام في كتابات المستشرقين بدلا من أن يقرءوه في نصوصه الأصلية, وصادف رأي المستشرقين عندهم قلبا خاليا فتمكن, فأصبحوا دعاة لهذه الافتراءات مدافعين عنها، وتولا نيابة عن