نعم, لقد أصبح معروفا بل من المقرر في تاريخ الحكم ونظامه العالمي، أن سياسة الاستبداد والطغيان صناعة شرقية، وأن شعوب الشرق هي التي تعرف تماما كيف تصنع الحاكم الظالم المستبد الطاغية, بل ترعاه وتعبده أحيانا, لكن ما علاقة ذلك بالإسلام؟
وإذا كان الإسلام يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ويجعل مداد العلماء عند الله كدم الشهداء, ويجعل العلوم الكونية "الفيزياء, الكيمياء, الرياضيات, الهندسة, الفلك, الطب ... إلخ" هي المدخل الطبيعي للعلم بالله ومرآة لتجلي صفاته من الحكمة والعلم والقدرة، وربط خشية الله بهذا العلم الكوني، قال تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 27، 28] . فليس المقصود بالعلم هنا ولا بالعالم: عالم التفسير أو الحديث أو الفقه، إنما هو العالم بالكون ودقائقه, هذا هو العلم الكوني في التصور القرآني.
فإذا انصرف المسلمون عن هذا العلم وأداروا له ظهورهم, وفضلوا الجهل بالكون على العلم به وبدقائقه, وآثروا الكسل والدعة على التعلم والبحث حتى صاروا أضحوكة العصر وذيل الركب والقافلة، فما دخل الإسلام في هذا التخلف الذي يعيشه المسلمون؟