نجعل واقع الحكم في العالم الإسلامي -وهو بهذه الصورة المزرية- دليلا على أن الإسلام لا يجعل العدل أساسا للحكم فيه؟

والإسلام يجعل الشورى مبدأ الحكم في الإسلام، نزل به الوحي الإلهي آمرا الرسول وهو مصدر التشريع أن يجعل الشورى أصلا من أصول العلاقة بينه وبين أصحابه مع أنه المعصوم والمؤيد بالوحي المعصوم، لكن لكي يستقر هذا المبدأ على يديه وهو بين أصحابه نزل به قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] . كما جعل مبدأ الشورى عنوانا لجماعة المؤمنين وصفة لازمة لهم؛ لأنها من لوازم الإيمان, فقال تعالى عن جماعة المؤمنين: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] .

فإذا تحولت الشورى على يد حكام المسلمين إلى استبداد سياسي لا يعرفه تاريخ البشرية، وأصبح مصير بعض شعوبه مرهونا بأسر وعائلات يتوارثون حكم الشعوب وكأن الحكم تركة عقارية تنتقل تلقائيا من جيل الآباء إلى الأبناء ثم الأحفاد, فما دخل الإسلام في ذلك؟ وما علاقة هذه الأنظمة الاستبدادية بالإسلام ونظامه السياسي القائم على مبدأ الشورى؟ وهل من الإنصاف أن نجعل استبداد الحكام في بلادهم دليلا على أن الإسلام لم يجعل الشورى أصلا من أصول الحكم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015