وهنا أمران ينبغي أن ننبه إليهما:
الأمر الأول: لا ينبغي أن نجعل واقع المسلمين المعاصرين مقياسا نحكم به على الإسلام؛ لأن واقع المسلمين لا شك أنه واقع متخلف علميا, فلا ينبغي أن نجعل تخلف المسلمين دليلا على تخلف الإسلام.
كما أن واقع المسلمين متردٍّ اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا, فليس من الحكمة أن نجعل هذا الواقع المؤلم مقياسا نحكم به على سلامة المبدأ وصحته الذاتية, فكم من المبادئ الصحيحة تحولت على يد أبنائها إلى فساد وانحلال عند التطبيق, وهذا أمر لم يخلُ منه مجتمع ولا خلت منه حضارة.
فعلى سبيل المثال نجد الإسلام في نصوصه من الكتاب والسنة يجعل العدل أساسا لاستقرار الحكم ودوام الملك، وقديما كنا نحفظ في مقررات الدراسة أن العدل أساس الملك، وأن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة، وكم من النصوص النبوية والآيات القرآنية تؤكد على هذ المبدأ. ولكن الواقع الذي يعيشه العالم الإسلامي تلاشى من قاموسه مبدأ العدل وأصبح الظلم عنوانا لقوة الحكم, وشعارا لهيبة الدولة، ورمزا لاستتباب الأمن في البلاد. وكم من ألفاظ اخترعوها ليلبسوها ثوبا اجتماعيا مقبولا عند الناس ليمارسوا تحتها ألوانا من الظلم لم يعرفه التاريخ. فهل