وكما جعلت أوروبا رجال الكنيسة رموزا للتخلف والجهل, نادى التنويريون والعلمانيون في بلادنا بأن رجال الدين هم رموز التخلف والجهل.
وكما أن أوروبا لم تتقدم ولم تنهض إلا بعد أن نفضت يدها من سلطان الكنيسة وأبعدتها عن شئون الحياة, نادى رواد التنوير بأن المسلمين لن يتقدموا وينهضوا إلا إذا تخلوا عن الإسلام ونفضوا أيديهم منه, وأبعدوه تماما عن حركة الحياة.
وكما نادى علماء الغرب بأنه ليس هناك شيء "مقدس" يعلو على نقد العقل، كذلك نادى رواد التنوير في بلادنا بأنه ليس هناك شيء "مقدس" يعلو على النقد، وأخضعوا القرآن الكريم لمنطق النقد العقلي, وحاولوا أن يجعلوه محلا للشك وموضعا للتشكيك, بل إن بعضهم حاول أن يطبق على القرآن الكريم بعض نظريات النقد الحديثة ليقول: إن القرآن قد اشتمل على بعض الأساطير التي عرفها العرب قبل الإسلام.
هذا هو جوهر حركة التنوير التي يروج لها العلمانيون في العالم العربي، ولقد شجعهم على ذلك بعض المؤسسات التبشيرية التي انتشرت في أنحاء شتى من بلاد المسلمين، كما أسهم في الترويج لها كثير من النصارى أمثال فرح أنطون وشبل شميل