لقد صدّر الغرب هذه المعركة إلى بلاد المسلمين ضمن الصادرات الثقافية خلال القرنين الأخيرين, وحمل لواءها نيابة عن الغرب مجموعة من تلاميذ المستشرقين في العالم الإسلامي, ومن أبناء العربية ممن يعرفون شعار العلمانية والتنوير والحداثة.

ومن الإنصاف أن نقرر هنا أن المسيحية الصحيحة التي بشر بها نبي الله عيسى -عليه السلام- بريئة تماما من كل الخرافات والأساطير التي فرضتها الكنيسة على أتباعها في العصور الوسطى، فليست المسيحية طرفا في هذه المعركة؛ لأن نصوصها لم تتعرض لتفسير الظواهر الكونية لا من قريب ولا من بعيد، وهذه التفسيرات الخرافية التي قال بها رجال الكنيسة لا علاقة لها بالوحي الذي نزل على نبي الله عيسى، ولكنها كانت أحد الأساليب التي استذل بها رجال الكنيسة عقول السذج من الناس بدعوى أن الوحي نزل بها, وأنها دين وعقيدة.

لقد تبنى رواد العلمانية والتنوير الدعوة إلى رفض الدين وإقصائه عن حركة المجتمع كما فعلت أوروبا، دون أن يفرقوا بين الإسلام والكنيسة, ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن علاقة الإسلام بالعلم وموقفه من الخرافة والأسطورة ومحاربته للجهل.

وكما صورت أوروبا الكنيسة على أنها سبب تخلف أوروبا وانحطاطها قال بذلك رواد التنوير والعلمانية في بلاد المسلمين، فجعلوا الإسلام سببا لتخلف المسلمين وانحطاطهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015