وإقصائه عن شئون الحياة تربويا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وظهرت الحداثة عنوانا لرفض القداسة ومحاربتها، فليس هناك ما يستحق القداسة إلا الإنسان والطبيعة، وفكرة الإله والتراث والقداسة كلها أفكار بالية خدعتنا بها الكنيسة لتستذل بها عقولنا وتملك بها رقابنا، والعقل وحده هو الذي ينبغي أن يحتل مكانة الإله والعمل والإنتاج يأخذ مكانة الشعائر الدينية وقداستها. وبذلك قضت هذه النزعة الإلحادية على كل ما هو ديني, وعكفت على الكون تستنطقه أسراره، وتقف على قوانينه، وتكشف عن نظامه، وكان العلم والعقل هما سلاح هذه المعركة.

في العالم الإسلامي:

لقد انتقلت هذه المعركة بكامل حيثياتها وملابساتها إلى العالم الإسلامي, واختفت منها كلمة الكنيسة وحل مكانها لفظ الدين, الدين بالمعنى العام. وبدلا من أن يصوروا قصة هذا الصراع على أنه صراع بين آراء رجال الكنيسة والعلماء, صوروها على أنه صراع بين الدين بمعناه العام والعلم. وصار الدين نقيضا للعلم وأصبح الإيمان بأحدهما يعني نفي الآخر ورفضه، وارتبط لفظ الدين بالتخلف والرجعية والخرافة والأسطورة, كما صار رجاله رموزا لهذه المعاني السيئة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015