أخرى وراءه يستمد منها نظامه أو حركته، فطبيعة كل كائن هي نظامه, هي قوامه وحياته والعلم قد كشف لنا عن قوانين هذه الكائنات ووضعنا أيدينا عليها وجربناها وعرفنا حقيقتها، فأصبح الكون عندنا هو الحقيقة, بل هو حقيقة الحقائق. وكل ما وراء هذا الكون هو محض خيال وهم تتشبث به الكنيسة لتستمد منه سلطانها, وتفرض به جبروتها على الناس.
إن التفسير اللاهوتي للظواهر الكونية كان يمثل مرحلة متقدمة من عمر البشرية اضطر الإنسان خلال هذه الفترة أن يفسر كل شيء يراه باسم الإله لعجزه عن مواجهة الطبيعة الخارجية وجهله بقوانينها. أما بعد اكتشاف قوانين الطبيعة والتثبت من صدقها بالتجربة المباشرة فلم يعد هناك مجال للقول بالقوى الغيبية التي لا يمكن إخضاعها للتجربة أو التأكد من صدقها بالمشاهدة الحسية، والحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها عقليا ليست إلا ما يخضع للتجارب ويمكن فحصه علميا، والوحي والدين قائم على مسلمات لا يمكن التحقق من صدقها بالتجربة ولا سبيل إلى مشاهدتها وفحصها علميا، وكل ما لا يمكن إثباته بالتجربة فهو وهم باطل لا حقيقة له، ومن هنا قالوا: إن الدين تفسير زائف للظواهر الكونية، ولا بد من إزاحته ليحل العقل والعلم مكانه.
الموقف الثاني: ويمثله تفسير علماء النفس للدين, لقد رأوا أن الدين ظاهرة تنعكس خلالها كوامن اللاشعور المخزون في النفس