لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: إذا كانت هذه المعركة قامت في الغرب لتقضي على خرافات الكنيسة وجهلها وليحل فيها العلم والنور محل الجهل والظلام, فما علاقة هذه المعركة بالإسلام؟ وما شأن الإسلام بقصة الصراع التي نشأت في بلاد غير بلاد المسلمين، وفي ظل ثقافة الجهل والخرافة التي جاء الإسلام ليقضي عليها ويحاربها؟ إن الإسلام يبارك الثورة على الجهل والخرافة والأسطورة؛ ليفسح المجال للعلم والنور والحقائق العلمية.
فما هو السبب في نقل هذه المعركة إلى أرضنا وبلادنا؟ لقد أفرزت قصة الصراع بين الكنيسة والعلماء ثلاثة مواقف متباينة, تختلف فيما بينها في تفسيرها للدين الكنسي حسب الحقول الدراسية التي تنتمي إليها هذه المواقف، لكنها كلها رافضة للوحي معارضة له:
الموقف الأول: ويمثله علماء الطبيعة ابتداء من نيوتن، ويذهب أصحاب هذا الموقف إلى القول بأن الكون الذي نعيشه ليس في حاجة إلى قوى غيبية يستمد منها حركته، إنه مكتفٍ بنفسه عن غيره، إن قوانيه كامنة فيه، وهي التي تتولى حركته وتنظيم مسيرته، وكل فرد من أفراده، إنسانا كان أو حيوانا، نباتا كان أو جمادا، يشتمل على قانونه الطبيعي الذي ينظم حركة وجوده ويسوقه سوقا إلى أداء مهمته، ولا حاجة به إلى التعلق بقوى