ولم تنته هذه المعركة بين العلماء والكنيسة إلا بعد أن سيطرت ظاهرة الحداثة والعلمانية وتبلورت معالمها في أمور محددة أصبحت شعارا لعصر النهضة في أوروبا, ومن أهم هذه المعالم:
1- العلمية، ويقصدون بذلك أن يكون الواقع موضوعا للعلم والعقل مقياسا للحقيقة، والواقع هنا هو الكون, هو الطبيعة فقط وكل أمور ليس لها رصيد في الطبيعة ولا يعبر عنها في الواقع الحسي بألفاظها مقابل موضوعي فهي خرافة وأسطورة، وبالتالي فإن أي حديث عن أمر غيبي ليس مقبولا.
2- قانون العلية، أن تقوم هذه النزعة العلمية على مبدأ العلية أو قانون السببية، وأن ارتباط كل ظاهرة بعلتها وسببها يكفي في الإجابة عن السؤال كيف حدثت الظاهرة, وهذا هو هدف العلم وغايته. أما الإجابة عن السؤال: لماذا حدثت الظاهرة فإن ذلك ليس داخلا في مهمة العلم, ولا يعنينا البحث عنه أو الانشغال به.
3- أن يتم ذلك كله خلال التجربة والمنهج التجريبي, وكل ما لم يخضع للتجربة يكون الحديث عنه خرافة وأسطورة.
4- أن تؤسس المعرفة العقلية على النقد, واستبعاد كل ما هو أسطوري "ديني" لا تسنده التجربة ولا يستمد صدقه من الواقع الموضوعي. ويكون الموقف هو جوهر العقلانية الحديثة كما يكون جوهر العلمانية والحداثة هو رفض الدين واللاهوت.