ولقد حرص أصحاب هذا الاتجاه أن يبرزوا ما تتميز به نظرتهم العملية في مواجهة الكنيسة والنظرة اللاهوتية؛ ليجعلوا رجل الدين رمزا للجهل والخرافة, فقالوا:
1- إن التفسيرات اللاهوتية التي يدعونا إليها رجل الدين ليست بذي موضوع, لا سند لها من الواقع، لا تخضع للتجربة، مستمدة من النظرة الغيبية. أما الموقف العلمي فإنه يكشف زيف هذه التفسيرات، ويوضح ما وراءها من جهل وأسطورة. إنه موقف يعمل على إزالة الأسطورة لتحل محلها الحقائق العلمية، يعمل على إزالة الظلام ليحل محله التنوير، إنه موقف يبدأ من الواقع ويعيد كل شيء إلى الواقع ولا علاقة له بما وراء الواقع المادي.
2- إن التفسيرات اللاهوتية تستمدّ قداستها من المطلق "الله" ليتحكم به في الواقع عن طريق العلاقة الأسطورية بين الواقع والمطلق, أما النزعة النقدية فإنها تستمدّ قداستها من الواقع الذي هو مستقل في وجوده عن المطلق ولا علاقة بينهما, فالكون هو الحقيقة فقط ولا شيء وراءه يستحق أن يسمى بالحقيقة المطلقة. أما السلوك الإنساني والظواهر الاجتماعية, فهي ترجع في تفسيرها إلى عوامل نفسية ومؤثرات اجتماعية وبيولوجية وكل شيء يخضع في تفسيره للمادة والعلاقات المتبادلة بين ظواهرها، فالدين والأخلاق ليسا إلا إفرازا لحالات نفسية وبيولوجية, وآثارا لظروف اجتماعية وثقافية يعيشها الأفراد في مجتمعاتهم.