القسم الأول
خطوات الوحدة الإسلامية
كانت أول خطوة لوحدة الأمة اصطفاء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - للرسالة، وحمل أمانة البلاغ لكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالدين الإسلامي، وإعلام الأمة بها من غير زيادة ولا نقص، لمَّا بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشده وبلغ أربعين سنة، أنزل عليه ربه الوحي، بعد أن هيأه لذلك، وكانت هذه المرحلة من أشق المراحل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان وحيدا في قومه مفطورا على الخير، والعفة والنزاهة، والصدق والأمانة، وحسن الخلق، وجاءه أمر عظيم تنوء بحمله الجبال الرواسي، ألم يقل الله - عز وجل -: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ} (?) إنه أمر له تبعات عظيمة، لا يقوى عليها إلا من أعده الله - عز وجل - لذلك، وكان له ناصرا ومعينا، وقد تحقق كل ذلك لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، بدءا من قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (?)، وختما بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (?).
إنه تشريع من حكيم حميد، فالمشرِّع هو الله - عز وجل -، وناقل التشريع هو روح القدس جبريل - عليه السلام -، والرسول إلى الناس كافة هو محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، والوحي المنزل هو القرآن كلام الله - عز وجل -.
أمر الله - عز وجل - عبده ورسوله نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - بإبلاغ عباد الله تعالى إنساً وجناً ما أوحى الله - عز وجل - إليه من العلم والحكمة {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا