قلنا: يمنعنا قوله: (والوضوء بعده)؛ لأن الوضوء بعده على نعت الكمال لا معنى له في حصول البركة بعد الفراغ منه، كما أن أحدا لو ذكر الله سبحانه على غير طهر ثم تطهر لينال فضل الذكر على طهارة فيما سبق منه لم يقع ذلك موقعه. ومعنى البركة في الوضوء بعده: عظم فائدة الطعام باستعمال النظافة، فإنه إذا ترك ذلك أضر به الغمر الذي حصل في يده من الطعام وعاقه عن استمرائه، فيعود ترك ذلك إليه بالنقصان في قلة النماء ووجدان المنفعة.
قلت: والإتيان بالوضوء عند التناول والفراغ إنما يستحب في طعام تتلوث عنه اليد ويتولد منه الوضر.
[3132] ومنه حديث أم المنذر بنة قيس الأنصارية- رضي الله عنها- (دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه على، ولنا دول معلقة ... الحديث). الدوالي: عذوق بسر تعلق فإذا أرطب أكل، واحدها في القياس دالية. قال أبو عبيد الهروي: ولم أسمع به.
[3133] ومنه حديث أنس- رضي الله عنه- (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الثفل) [130/ب] الثفل في الأصل: ما سفل من كل شيء [وقولهم]: (تركت بني فلان مثافلين) أي: ليس لهم لبن فهم يأكلون الحب، وذلك عند البدوي من أشد الأحوال، وقد فسر بعض العلماء الثفل بما يقتات. وفسره إبراهيم الحربي في هذا الحديث بالثريد، وأنشد:
يحلف بالله وإن لم يسأل ... ما ذاق ثفلا منذ عام أول
قلت: [وصيغة] القول في الحديث تشهد له بالإصابة.
[3134] ومنه حديث نبيشة الخير الهذلي- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من أكل في قصعة