فلحسها ... الحديث) استغفار القصعة عبارة عما صودف فيها من أمارة التواضع ممن أكل فيها وبرائته من الكبر، وذلك مما يوجب له المغفرة، فأضاف إلى القصعة؛ لأنها كالسبب لذلك.
[3136] ومنه قول ابن عباس- رضي الله عنه- في حديثه: (والثريد من الحيس). الحيس: تمر يخلط بأقط وسمن. والأصل فيه الخلط، ومنه قول الراجز:
التمر والسمن جميعا والأقط ... الحيس إلا أنه لم يختلط
[3140] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- إنك رجل مفؤود، وآت الحارث بن كلدة) الحديث. المفؤد: الذي أصابه داء في فؤاده. وفأدته فهو مفؤود: أصبت فؤاده. ويقال: رجل مفؤد وفئيد أي: لا فؤاد له. وأهل اللغة يقولون: الفؤاد هو القلب، وقيل: الفؤاد غشاء القلب. وقد قيل: يشبه أن سعدا كان مصدورا فكنى بالفؤاد عنه؛ لأنه كان محله.
ويشكل من هذا الحديث: أنه نعت العلاج، ثم أحاله إلى الطبيب، ثم أمر الطيب باستعمال ما نعته.
والوجه في ذلك أن نقول: إنما صنع ذلك لتحققه بان رأي الطبيب يوافق قوله، فأحب أن يصدقه ويشهد له بالإصابة، أو كان إحالته إلى الطبيب لعلمه باتخاذ الدواء والصنعة فيه وحذقه بكيفية الاستعمال، وذلك من الأبواب العملية، وقلما يوجد ذلك إلا من كثرة الممارسة منه. وإنما قال: (من عجوة المدينة) لما عرف فيها من البركة والخاصية التي جعلها الله فيها بدعائه، ثم لموافقتها مزاج من تعودها. وكان سعد قد مرض مرضه ذلك بمكة عام الفتح، ولهذا قال: (من عجوة المدينة) وكان مرضه هذا قبل الهجرة (فليجأهن) أي: فليدقهن [131/أ] وفي غير هذه الرواية أنه وصف له الوجئة وهي المدقوقة، حتى يلزم بعضها بعضاً،