هذا الموضع بمعنى الإسناد، يقال ألجأت أمري إلى الله أي: أسندته، وفيه تنبيه على أنه اضطر ظهره إلى ذلك، حيث لم يعلم له سناداً يتقوى به غير الله، ولا ظهراً يشتد به أزره سواه.
وفيه: (رغبة ورهبة إليك): الرغبة: السعة في الإرادة، والرهبة: مخافة مع تحرز واضطراب، وهما متعلقان بالإلجاء في معنى المفعول له. ومعنى (إليك) أي: صرفت رغبتي فيما أريده إليك قال الشاعر:
وإلى الذي يعطي الرغائب فارغبي
قيل إنه أعمل في الحديث لفظ الرغبة وحدها، ولو أعمل كل واحد منهما لكان من حقه أن يقول: رغبة إليك ورهبة منك، والعرب تفعل ذلك، ومنه قول الشاعر:
ورأيت بعلك في الوغى متقلداً سيفاً ورمحا
وفي نظائره كثرة. قلت: ولو زعم زاعم احتمال أن يكون (إليك) متعلقاً بمحذوف، مثل قولك: متوجهاً بهما إليك، لم نستبعده.
وفيه: (بنبيك الذي أرسلت) في بعض طرق هذا الحديث عن البراء أنه قال: قلت: (وبرسولك الذي أرسلت) قال: (وبنبيك) وقيل: إنما رد عليه قوله؛ لأن البيان صار مكرراً من غير إفادة زيادة في المعنى: وذلك مما يأباه البليغ، ثم لأنه كان نبياً قبل أن كان رسولاً، ولأنه اختار أن يثني عليه بالجمع بين الاسمين، ويعد نعمة الله في الحالتين، تعظيماً لما عظم الله موقعه عنده من من الله عليه، وإحسانه إليه، وقيل: إنما رد عليه لاحتمال أن ينازعه في الاحتمال بعض رسل الله من الملائكة، قال الله تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس} فأراد بذلك تخليص الكلام من اللبس، والتصديق بنبوته، وهذا الوجه لا بأس به إن لم يعترض عليه معترض؛ فيقول: إن كان العلة فيه احتمال أن يراد به جبريل أو