اللفظ ولا يزيل الحروف عن أماكنها وقد حمد النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة أبي موسى فقال: (أوتي مزمارا من مزامير آل داود) وروي عن أبي موسى أنه قال: لو علمت أنك تستمع إلى قراءتي لحبرتها لك تحبيرا أو كما قال. ومن أوضح الدلائل على استحباب ذلك واحتساب الأجر فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (زينوا أصواتكم بالقرآن) وسنبينه في موضعه - إن شاء الله - وإنما عدلنا عن هذا الوجه في تأويل حديث سعد للعلة التي ذكرناها، فأما في حديث أبي موسى (كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن) فإنه يحتمل أن يأول على رفع الصوت به للإعلان وعلى تحسين الصوت وترديده وحمله في حديث أبي موسى على الاستغناء غير مناسب لنظم الحديث.
[1516] ومنه: حديث أنس - رضي الله عنه - قال النبي - عليه السلام - لأبي بن كعب: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن ...) الحديث. يوجد القراءة على الشخص من وجهين قراءة تعليم وقراءة تعلم وكان قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي قراءة تعليم فقرأ عليه ليكون هو أضبط لما يلقى إليه ثم ليأخذ عنه صيغة التلاوة ويتعلم حسن الترتيل والتأدية كما يأخذ عنه نظم التنزيل ويتعلم، ولم يكن ذلك ليتهيأ له إلا بقراءة الرسول وإنما خص به أبي لما قيض له من الأمانة في هذا الشأن فأمر الله نبينه أن يقرأ عليه ليأخذ هو عنه رسم التلاوة كما أخذه نبي الله عن جبريل [180/أ]. ثم يأخذه على هذا النمط الآخر عن الأول، والخلف عن السلف وقد أخذ عن أبي - رضي الله عنه - بشر كثير من التابعين وهلم جرا).
(ومن الحسان)
[1518] حديث أبي سعيد الخدري (فجلس وسطنا ليعدل فينا بنفسه) أي ليجعل لنفسه عديلا ممن جلس إليهم ويسوي بينه وبين أولئك الزمرة في المجلس رغبة فيما كانوا فيه وتواضعا لربه سبحانه وتعالى.
وفيه (يا معشر الصعاليك). الصعلوك الذي لا مال له وصعاليك العرب ذوبانها وكان عروة بن