الورد يسمى عروة الصعاليك؛ لأنه كان يجمع الفقراء في حضيرة وكان يجري عليهم مما يغنمه. وصعاليك المهاجرين: فقراؤهم.
[1519] ومنه: حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -): (زينوا القرآن بأصواتكم) أي زينوا أصوتكم به كذا فسره كثير من العلماء وقالوا: إنه من المقلوب الذي كانت العرب تستعلمه في كلامهم كقولهم: إذا طلعت الشعرى واستوى العود على الحرباء أي: استوت الحرباء عليه. وأنشد الأخفش:
وتلحق خيل لا هوادة بينهم .... وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
أراد وتشقى الضياطرة بالرماح فقلبه وهذا السياق الذي أورده مؤلف الكتاب رواية الأعمش عن طلحة بن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء، وقد رواه معمر عن منصور عن طلحة عن البراء عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -): (زينوا أصواتكم بالقرآن) وهي أولى الروايتين وأرضاهما، وروى الخطابي عن ابن الأعرابي عن عباس الدوري عن يحيى بن معين عن أبي قطن عن شعبة أنه قال: نهاني أيوب أن أحدث: (زينوا القرآن بأصواتكم) والمعنى: ارفعوا به أصواتكم واجعلوا ذلك هجيراكم ليكون ذلك زينة لها وقد اغتر بظاهر هذا الحديث أقوام عدل بهم الهوى عن منهج الحق فتاهوا في [بحارة] الإفراط فتدرجوا في تحسين الصوت مع التجويد إلى [التزيد] في الألحان والأخذ بكتاب الله مأخذ الأغاني وكان أول من قرأ بالألحان على ما بلغنا عبيد الله بن أبي [بكرة] وكان يقرأ قراءة حزن فورثه منه ابن ابنه عبيد الله بن عمر بن عبيد الله وإليه تنسب قراءة العمري وأخذ عنه الأباضي ثم أخذ عن الأباضي [180/ب] سعيد العلاف، وكان الهشيم وأبان وابن أعين يدخلون في القراءة من ألحان الغناء والحداء.
والقراءة على الوجه الذي يهيج الوجد في قلوب السامعين، ويورث الحزن ويجلب الدمع - مستحب ما لم يخرجه التغني عن التجويد، ولم يصرفه عن مراعاة النظم في الكلمات والحروف؛ فإذا انتهى إلى ذلك عاد الاستحباب فيه كراهة وأما الذي أحدثه المتكلفون، وأبدعه المرتهنون بمعرفة الأوزان وعلم الموسيقى؛ فيأخذون في كلام الله مأخذهم في النشيد والغزل [والمرثوات] حتى لا يكاد السامع يفهمه من كثرة