الشيء، وفي كتاب مسلم في بعض طرق هذا الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن الله تعالى جزّأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل {قل هو الله أحد} جزء من أجزاء القرآن) وقد علمنا أن المراد من التجزئة والتقسيم هو الإشارة إلى أنواع ثلاثة من العلم يشتمل عليها الكتاب، لا المعادلة من طريق النظم والتأليف، ولا يلزم منه أيضًا المساواة في مقادير المعاني والأحكام فإنك إذا قلت جزّأ فلان ليلة ثلاثة أجزاء جزء للذكر، وجزء للتلاوة، وجزء للصلاة لم يلزم منه مساواة تلك الأجزاء ولا مساواة الأعمال الواقعة فيها فقوله: (يعدل ثلث القرآن) أي يعدل المعنى الذي هو أحد المعاني الثلاثة التي نقسم عليه جملة الكتاب في تأويل ذلك.

وبيانه - والله أعلم - أن القرآن بأجمعه ينقسم إلى أقسام ثلاثة: التوحيد ويدخل فيه معرفة الأسماء والصفات والنبوات: [بطرفي] التأييد والتعليم والإخبار عما كان وعما هو كائن وعما سيكون.

ولما وصف الله تعالى نفسه في هذه السورة بالوحدانية والإلهية وبأنه منزه عن المشاركة متعالٍ عن المشاكلة والمجانسة مرجوع إليه في الحوائج ما من شيء إلا وهو يحتاج إلى الله تعالى الواحد الصمّد وهو غير محتاج إلى شيء، لا أوّل لوجوده ولا ثاني لذاته، ولا نظير له في صفاته تفرد بالأزلية والقدم والبقاء السرمدي علمنا أنها محتوية على أصول علم التوحيد الذي هو أحد الأقسام الثلاثة، فرأينا أنها عدلت بثلث القرآن لذلك.

(ومن الحسان)

[1477] حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (ثلاثة تحت العرش يوم القيامة) الحديث. قوله: (تحت العرش) عبارة عن اختصاص [هذا] الأشياء من الله بمكان لا يساميها فيه شيء [ثم] عن إلظاظها برب العالمين من إضاعتها والاستهانة بحقها والمراد من تلك الذوات، أعنى: القرآن والأمانة والرحم، ونحو ما يلزم العباد من الوفاء بما عهد الله إليهم فيه من التحفظ ورعاية تلك الأشياء والتوقي عن إِضاعتها.

ولما كان القرآن [174/ب] أعزَّها مطلبا وأنفسها مغنماً وأجلَّها قدرًا وأعظمها حرمة فصل بينه وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015