الله معك أعظم ... الحديث) (أي) اسم معرب يستفهم به [وهو ملازم الإضافة] ولك أن تلحق به تاء التأنيث في إضافته إلى المؤنث ولك أن تتركها قال الله تعالى {وما تدري نفس بأي أرض تموت} وقوله (معك) وقع موقع البيان لما كان يحفظه من كتاب الله؛ لأن (مع) كلمة تدل على المصاحبة وإنما قال ذلك وإن كان أبي ممن جمع القرآن على عهد الرسالة لأحد الوجهين أحدهما: [173 / أ]. أن السؤال إنما يحسن عما يكون المسئول عنه عالماً به فكأنما قال: أي أية مما أتيت من كتاب الله أعظم؟
والآخر: أن الوحي كان ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فشيئًا وأبىّ لم يكن يومئذ ليجمع منه إلا ما قد أنزل فلهذا وصَله بقوله (معك) وأما وجه عدول أُبَى في الكرة الأولى بقوله (الله ورسوله أعلم) عن الجواب وإتيانه فيه في الثانية هو أن سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصحابي في باب العلم إنما يكون لأحد المعنيين: للحثَّ على الاستماع لما يريد أن يلقى عليه أو للكشف عن مقدار فهمه ومبلغ علمه فلَمَّا عارضه أبي بما هو حق الأدب بين يدي الله ورسوله ثم رآه لا يكتفي بذلك ويعيد إليه القول علم أنه يريد بذلك استخراج ما عنده من مكنون العلم فأجاب عنه.
قلنا: وإنما كان آية الكرسي أعظم آية لاحتوائها واشتمالها على بيان توحيد الله عز وجل وتمجيده وتعظيمه وذكر أسمائه الحسنى وصفاته العُلا وكل ما كان من الأذكار في تلك المعاني أبلغ كان في باب التَدبّر والتقرب إلى الله أجل وأعظم، ألا ترى أن أسماء الله تعالى كلها عظيمة ومنها ما هو الأعظم، وذلك باعتبار ما يتناوله ويعرب عنه من الصفات ويُنّبه عليه من النعوت التي لم يَرتَع حول حمَى حقيقته المجاز، والله أعلم.
[1467] ومنه: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (وكَّلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان ...