ومن كتاب فضائل القرآن
(من الصحاح)
[1454] حديث عقبة بن عامر الجُهني عن النبي عليه السلام: (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطحان والعقيق ... الحديث)، بطحان يرويه الأكثرون بضم الباء وسكون الطاء ووجدت الحافظ أبا موسى رواه بفتح الباء وقد رواه أيضًا غيره. وعن أهل اللغة أنه بفتح الباء وكسر الطاء وهو اسم وادٍ بالمدينة وإليه ينسب البطحانيون. والعقيق: واد عليه أموال أهل المدينة، وهي على ثلاثة أميال. وقيل: على ميلين وهو عقيق المدينة. عق عن حرتها أي: قطع. وهو العقيق الأصغر وفيه بئر رومة. وهناك عقيق آخر أكبر من الذي ذكرنا وفيه بئر عروة وقد ذكره الشعراء في أشعارهم؛ وبالمدينة عقيق آخر ببطن ذي الحليفة وآخر ببلاد مزينة، وقد ذكرناه فيما مر.
قلت: وإنما خص الموضعين بطحان والعقيق بالذكر؛ لأنهما كانا من أقرب الأودية التي كانوا يقيمون بها أسواق الإبل.
وفيه: (بناقتين كوماوين) الكوماء الناقة العظيمة السنام، وإنما ضرب المثل بها؛ لأنها كانت من أحب الأموال إليهم، وأنفس المتاجر لديهم.
وفيه: (ومن أعدادهن من الإبل) وعلى هذا القياس يوحد الآيات التي يُعلمها أو يقرَّئها خيرًا من أعدادهن، ثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع. فإنِ قيل: كيف تقرن بين الآية والناقة الكوماء في باب المخايرة، وعلى ماذا تقدَّر المعنى فيه، وقد علمنا بالأصل الذي لا اختلاف فيه من أمر الدين أن الآية الواحدة خير من الدنيا وما فيها؟.
[قلنا قولنا: إن تعليم آية من كتاب أو قراءتها خير من ناقة كوماء، لا ينفى كونها خيرًا من الدنيا وما فيها؛ لأنا لم نقصر القول في الخيرية عليها، وإنما صدر هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - على وفق ما كان المخاطب يغتنمه ويبتغيه وتعجبه خيرته من المال، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يبين لهم أن اشتغالهم بأمر [الدنيا] خير لهم مما يكدحون فيه من طلب الرزق، ولم يرد حقيقة بيان المقدار الواقع في المخايرة بين الشيئين، ويحتمل أنه أراد بذلك أنه خير لهم في أمر المعاش الذي يتوخونه من ناقة كوماء ...].
وفي معنى هذا الحديث، ومنه: