[3451] ومنه حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن) [145/أ] ذهب بعضهم في تأويل اقتراب الزمان إلى اعتدال الليل والنهار، واعتمد فيه على ما حكى عن ذوي العبارة أن أصدق المنامات ما يرى عند اعتدال الليل والنهار، أو عند اعتدال الزمان، الشك مني، ولا خفاء بأنهم أرادوا بقولهم ذلك على كلا التقديرين فصل الربيع؛ لما فيه من اعتدال الهواء، واستقامة أحوال المزاح، ولو أرادوا به اعتدال الليل والنهار على ميزان الساعات الزمانية، لكان فصل احريف في هذا الباب كالربيع، وليس الأمر على ذلك.
وقال آخرون: أراد بالاقتراب اقتراب الساعة، فإنهم يقولون للشيء إذا ولى وأدبر: تقارب. ويقال للقصير: مستقارب. وهو أولى التأويلين كما في غير هذه الرواية (إذا كان آخر الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب).
وفيه (ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) قيل: معناه أن الرؤيا جزء من أجزاء علم النبوة، والنبوة غير باقية وعلمها باق، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات: رؤيا الصالحة).
قلت: ونظير ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءااً من النبوة) أي: من أخلاق أهل النبوة. وقيل: معناه أنها تجئ على موافقة النبوة، لا أنها جزء باق من النبوة. وقيل: معناها أنها تجئ على موافقة النبوة، لا أنها جزء باق من النبوة.
وقيل: إنما قصر الأجزاء على ستة وأربعين؛ لأن زمان النبوة كان ثلاثاً وعشرين سنة، وكان أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة، وذلك على ستة أشهر من سنى الوحي، ونسبة ذلك إلى سائرها، نسبة جزء إلى ستة وأربعين جزءاً.