عُنى الأمير محمد بالجيش بسبب الظروف التى عاشتها الإمارة فى
زمنه، وكان حريصًا على فرض أعداد من الفرسان على كل ناحية
أندلسية تحشد دائمًا للصوائف، وهؤلاء كانوا يسمون «الفرسان
المستقرين» يضاف إليهم حشود المستنفرة والمتطوعة، مما يدل على
ضخامة الجيش الذى كانت الإمارة تستطيع تعبئته.
كما عنى بالأسطول لحماية الشواطئ الغربية من ناحية، وغزو مملكة
«جليقية» من ناحية أخرى، واهتم بتحصين أطراف الثغور، وأقام
قلاعًا منيعة؛ لحماية مدينة «سالم» و «طليطلة»، وبنى حصونًا فى
«طلمنكة» و «مجريط» بمنطقة وادى الحجارة.
أما من ناحية سياسته الخارجية فقد جمعته مع أمراء المغرب
المعاصرين علاقة صداقة متينة خاصة «بنى رستم» فى «تيهرت»
و «بنى مدرار» فى «سجلماسة»، وكان يشاورهم فى أموره ويهتم
بأخبارهم ويستنصحهم، وتتردد الكتب والرسل بينه وبين هذه الدول
بهدف متابعة أخبار «بنى العباس» وأعمالهم فى إفريقية وبلاد
الشام. كذلك قامت علاقة صداقة بين الأمير «محمد» وملك «فرنسا»
وتبادلا الرسائل والهدايا.
أما من الناحية المالية فقد خفَّف الضرائب على المواطنين رغم حاجته
إلى المال للإنفاق على الجهاد والقضاء على الثورات المستمرة،
وكان يكتفى من أهل «قرطبة» بجهادهم ولايكلفهم أعباء مالية،
وكان الأمير «محمد» بارعًا فى مراجعة الحسابات وموازنة الدخل
والخرج، وقد ساعده هذا الضبط للأمور المالية على مواجهة بعض
المحن الطبيعية التى تعرضت لها الإمارة فى زمنه.
النظام الإدارى ومظاهر الحضارة:
فقد الصقالبة والجوارى كثيرًا من نفوذهم فى القصر أيام الأمير
«محمد» واستمر النظام الإدارى سائدًا كما كان أيام أبيه وتولى
مناصب الوزارة الرجال أنفسهم، ونظمت أعمال الوزراء وتحددت
اختصاصاتهم حتى أصبحت قريبة من اختصاص الوزراء فى أيامنا
هذه؛ حيث اختص كل واحد منهم بفرع من فروع الإدارة، وقدم وزراء
أهل الشام على غيرهم، وقد تولى الحجابة للأمير «محمد» «عيسى