تقديم مطالبهم للحكومة المركزية، لكنه لم يصل إلى شىء. وبدأ يُغِير
على أطراف الإقليم وينهب ويخرب؛ ثم يعود إلى الاعتصام بجبل «
ببشتر»، وقد سارع عامل «رية» إلى التوجه إليه لكنه تعرض للهزيمة
على يدى «ابن حفصون»، فساعد هذا على تقوية مركزه والتفاف
العصاة والمفسدين والأشرار حوله، وتولى على الإقليم عامل جديد،
اتجه إلى محاربة ابن حفصون الذى اعتصم بحصونه وانتهى الأمر
بهدنة بين الفريقين.
وقد رأى الأمير محمد ضرورة حسم ثورة ابن حفصون هذه فأرسل
إليه جيشًا كبيرًا على رأسه الوزير «هاشم بن عبدالعزيز»، الذى شدد
حصاره على «ابن حفصون»، حتى حمله ومن معه على التسليم
وحملهم جميعًا إلى قرطبة؛ حيث عفا الأمير «محمد» عن ذلك الثائر
وضمه إلى ضباطه لما لمسه فيه من شجاعة وفروسية.
اشترك «ابن حفصون» فى الحملات العسكرية التى قادها «المنذر بن
محمد» إلى الشمال، لكن الرجل كان بطبعه ميالا إلى التمرد والعمل
لحسابه الخاص؛ لذلك فرَّ هاربًا من جيش الإمارة، وعاد مرة أخرى
إلى الاعتصام بجبال «رية» وضم إليه كثيرًا من العصاة واستأنف
ثورته مرة أخرى سنة (271هـ = 884م)، ونشر الرعب فى المنطقة.
وفى صيف (273هـ = 886م) قاد «المنذر بن محمد» جيشًا توجه إلى
«ابن حفصون» لمقاتلته، وبدأ بالزحف على مدينة «الحامة» شمالى
شرقى «مالقة» حيث يوجد واحد من حلفاء «ابن حفصون» وقد سار
الأخير لنجدة حليفه، وحاصرهما «المنذر» مدة شهرين ثم خرجا لمقاتلة
جند الإمارة عندما أوشكت أقواتهما على النفاد، وبعد معركة عنيفة
هزم الثوار، وارتد «ابن حفصون» إلى «الحامة» واعتصم بها، وبينما
«المنذر» يحاصره ويشتد عليه تلقى نبأ وفاة والده فترك «الحامة»،
وعاد إلى قرطبة فى (29 صفر 273هـ =26 أغسطس 886م)، وبذلك
تنفس «ابن حفصون» الصعداء، واستأنف غاراته وفساده ونشر
سلطانه على «رية» و «رندة» و «أستجة» وغيرها.
سياسة الأمير محمد: