المغرب ونزلوا شاطئ الأندلس الجنوبى، وجرت هناك معارك برية
وبحرية استمرت أشهرًا، فقد النورمان فيها كثيرًا من سفنهم،
فاتجهوا نحو شواطئ أسبانيا الشرقية، وعبرت وحدات منهم نهر
«ابرو» إلى «نافار»، فى حين أغارت وحدات أخرى على الجزائر
الشرقية وشواطئ «بروفانس» ومن هناك عبروا مصب نهر «الرون»
عائدين إلى بلادهم.
وهكذا لم يسلم من تخريب هؤلاء؛ لا الأندلس الإسلامية ولا إسبانيا
النصرانية، ولكن غزوتهم هذه المرة لم تكن مفاجئة ولم يتمكنوا من
القيام بعمل كبير، ولم يكن تأثير عملياتهم واسعًا كما حدث فى المرة
الأولى، وعلى كل حال فتلك آخر محاولة قام بها النورمان ضد
الأندلس، وانتهى خطرهم نهائيا، فلم نعد نسمع بهم بعد سنة (245هـ
= 859م).
ثورة عمر بن حفصون:
وهو من أصل إسبانى قوطى، ظهر فى جبل «ببشتر» ضمن سلسلة
الجبال بين «رندة» و «مالقة» التى تعد مأوى العصاة والخارجين
على القانون.
وقد قامت ثورة ابن حفصون فى ولاية «رية» بمحافظة «مالقة» الآن،
وقد التف حوله جماعة من المفسدين ونزلوا جميعًا بجبل «ببشتر»
شمال شرقى «رندة».
ويرجع السبب المباشر للثورة إلى إصرار الحكومة المركزية على بسط
سلطانها الكامل على النواحى كافة. وعنف الوالى مع المواطنين
وإرهاقهم وتشدده فى جباية الأموال ومطالبتهم بالعشور المتأخرة،
كل ذلك دون أن ينال سكان هذه المناطق الجبلية شيئًا من عناية
الحكومة المركزية، مما شحنهم بالغضب وجعلهم مهيئين للثورة.
وقد بدأ هؤلاء تمردهم وعدم استجابتهم لواليهم عام (265هـ= 878م)،
واعتصموا فى جبالهم، وحاول الأمير «محمد» إخماد حركتهم بالقوة
فلم يصل إلى ما يريد، وفى العام التالى أرسلت صائفة إلى كورة
«رية» اشتدت فى التعامل مع الثائرين وبقيت مع ذلك حركة العصيان
وعمت الإقليم كله وانتشرت الفوضى هنا وهناك.
فى وسط هذه الظروف ظهر «عمر بن حفصون»، وناب عن الناس فى