فى اتجاه نابارَّا (نافار)، وغزت بنبلونة سنة (230هـ = 845م)، ثم
توجهت فى العام التالى صائفة إلى «جليقية»، وحاصرت «ليون»
عاصمتها، وحملت النصارى على اللجوء إلى الجبال، كما أرسل قوة
بحرية إلى جزيرتى ميورقة ومنورقة سنة (234هـ = 848م) تمكنت من
السيطرة عليهما.
وفى سنة (237هـ = 851م) قامت حرب بين المسلمين وبعض قوات
البشكنس الذين هاجموا أراضى المسلمين فى أطراف بلاد الثغر
الأعلى، انتهت بانتصار المسلمين.
وقد حرص «عبدالرحمن» على موالاة إرسال الصوائف فى كل عام
إلى الحدود الشمالية مما يلى «طليطلة» شمالا، لأن الصراع هناك كان
شديدًا، ولأن أهل طليطلة كانوا يستنجدون بالإمارات النصرانية فى
منازعاتهم مع الإمارة الأندلسية، ويستنجدون أيضًا بنصارى الشمال
وبخاصة ملوك ليون.
المتعصبون النصارى يثيرون فتنة فى الأندلس:
تعرضت البلاد فى أواخر عهد «عبد الرحمن» الأوسط لفتنة شديدة،
أملتها روح التعصب، فقد كره بعض القساوسة والرهبان سيطرة
الثقافة واللغة العربية على المجتمع، وانتشار الإسلام، فلجئوا إلى
الشكوى لموت الثقافة المسيحية وإلى مواجهة المسلمين وتحديهم فلم
يفلحوا، فراحوا يجهرون بسب النبى - صلى الله عليه وسلم - والإساءة
إليه، وإهانة المقدسات الإسلامية علنًا وعلى مرأى الناس وفى
الطرقات العامة.
وقد حمل رجال الشرطة هؤلاء القساوسة والرهبان إلى القضاة،
فكرروا الشىء نفسه أمامهم وأصروا على رأيهم، وحاول القضاة
استعمال الرفق معهم فى ثنيهم عن أفعالهم فلم ينجحوا، وتكررت
الجرائم، فاضطر القضاة إلى الحكم بإعدام هؤلاء المتعصبين، وقتل
كثير منهم فى صيف سنة (237هـ = 851م)، فعدهم أحبار النصارى
شهداء، وكان هذا هو هدف هؤلاء المتعصبين، وتأزم الموقف،
والتهبت نيران الفتنة.
واجه «عبدالرحمن» هذه المشكلة بما تستحقه من صبر، فطلب من
قادة النصارى عقد مجمع دينى فى قرطبة لمعالجتها بحكمة واتزان،