إلى «قادش»، ومنها إلى «شذونة» ونهب كل ما وجده فى طريقه،

ثم اخترق نهر الوادى الكبير إلى «إشبيلية»، وظهر هناك بصورة

مفاجئة، ولما لم تكن هناك بحرية تدافع عن تلك المنطقة أو استعداد

لمواجهة هذا النوع من العمليات، فقد عاث النورمان فيها فسادًا لمدة

سبعة أيام، وأحرقوا الدور والمسجد الجامع، ثم غادروا مدينة

«إشبيلية»، وعسكروا فى الناحية الغربية منها.

وإزاء هذه التحركات هرع المسلمون لرد العدوان، ونشبت معارك

تفوق فيها النورمان فى أول الأمر، ثم هزمهم المسلمون بعد قتال

عنيف عند «طليطلة» شمالى «إشبيلية» فى (25 صفر سنة 230هـ =

845م) ولقى قائدهم مصرعه، وأحرقت ثلاثون سفينة من سفنهم،

فأقلعت السفن الباقية نحو الجنوب حيث غادروا مياه الأندلس بعد

أسابيع من الفزع والرعب.

نشأة الأسطول:

كان لمفاجأة النورمان أثرها، فبدأت الحكومة الأندلسية تعطى

الاهتمام الكافى للأسطول والتحصينات البحرية، فبنى «عبدالرحمن»

سورًا ضخمًا حول «إشبيلية»، واتخذ قواعد بحرية، ودورًا لصناعة

السفن فى «إشبونة» و «إشبيلية»، و «المرية» و «بلنسية» و «مالقة»،

وعنى بصناعة السفن الكبيرة، وأعد لها المقاتلة، وأصبح للأندلس

أسطولان، أحدهما فى المحيط الأطلسى ومركزه إشبونة، والآخر

فى البحر المتوسط وقاعدته مالقة.

وبدأت تظهر أهمية البحرية الأندلسية منذ منتصف القرن التاسع

الميلادى وأثمرت جهوده فى فتح الجزائر الشرقية (جزر البليار)،

وهى ميورقة ومنورقة ويابسة، وتم ضمهما إلى الإمارة الأندلسية

سنة (234هـ = 848م).

وقد أدرك النورمان أن الأندلس لن تكون فريسة سهلة لغزواتهم،

فسعوا إلى الصلح مع الأمير عبدالرحمن، وبعثوا رسلهم يطلبون

السلام، فأرسل الأمير إليهم الشاعر «يحيى الغزال» ردًا على

سفارتهم.

وبعد الانتهاء من مشكلة النورمان استأنف «عبدالرحمن» عمليات

الجهاد فى الشمال، فأرسل صائفة اخترقت قشتالة القديمة، وسارت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015