وألجأهم إلى طلب الصلح، ثم اضطر بعد ذلك إلى أن يرتد إلى الجنوب
دون أن يتوغل كثيرًا فى أرض العدو، لقلة ما معه من الجند، ثم سخط
عليه الزعماء، ودب خلاف بين القبائل، وأدى ذلك إلى عزله.
عقبة بن الحجاج السلولى:
تولى سنة (116هـ = 734م) بعد «عبدالملك بن قطن» وكان رجلاً
عظيمًا مثل «الغافقى»، فنشر العدل ورد المظالم، وأنشأ المساجد
ودور العلم ونظم الجيش، وتوغل فى أراضى «جليقية» شمالى
الأندلس، واهتم بتحصين جميع المواقع الإسلامية، ومنح عناية خاصة
لثغر «أربونة» واتخذه قاعدة للجهاد، وأمد رجاله بالجند والذخيرة.
وكان يخرج للغزو كل عام على مدار خمس سنوات فى الجنوب
والشمال الشرقى من فرنسا، حتى أصبح نهر «الرون» رباط
المسلمين ومعقل فتوحاتهم بعد أن كان الفرنج قد استردوا مافى
أيدى المسلمين، وقد استشهد «عقبة» فى معركة مع الأعداء سنة
(121هـ = 739م)، فكان خاتمة الولاة المجاهدين وراء البرت.
عبدالملك بن قطن:
أقام عرب الأندلس «عبد الملك بن قطن» واليًا عليهم للمرة الثانية،
فكان عهده بداية عهد من الفتن والاضطرابات والحروب الأهلية؛ إذ
اشتعلت ثورة البربر بسبب تعصب العرب لبنى جنسهم وتعاليهم على
غيرهم، وكان معظم هؤلاء من «القيسية» الذين يرون أن الدولة
الأموية دولتهم، على حين كان العرب البلدانيون ومعظمهم من
«اليمنية» بعيدين عن هذه النزعة.
وقام البربر فى الأندلس أثناء ثورتهم بإخراج العرب من المناطق التى
شكلت أغلبية بربرية، وبخاصة «جليقية» ومناطق نهر تاجة وغيرها،
وظن «عبدالملك بن قطن» وهو كبير البلدانيين أن الثورة موجهة ضد
الشاميين، ثم مالبث أن تبين أنها موجهة إلى العرب جميعًا، وأن
البربر يسيرون فى جيوش ثلاثة: واحد منها متجه إلى «طليطلة»،
والثانى نحو «قرطبة»، والثالث نحو «الجزيرة الخضراء».
وفى تلك الأثناء كان «بلج بن بشر القشيرى» أحد قادة والى
المغرب محاصرًا فى «سبتة» مع عشرة آلاف من جنده من قبل البربر