وعبر جيش الفرنج «اللوار» وعسكر غربى الجيش الإسلامى.
عزم «الغافقى» على لقاء العدو على الرغم من أن بعض قبائل البربر
فى جيشه كانت تتوق إلى الانسحاب بما تحمله من غنائم كثيرة، وأن
عدد جنوده قد قل بسبب تخلف حاميات كثيرة فى المدن والقرى
المفتوحة.
ودامت المعركة تسعة أيام دون أن يحقق الفريقان نصرًا حاسمًا،
وفى اليوم العاشر أبدى كلا الطرفين غاية الجلد والشجاعة، وظهر
الإعياء على الفرنج، وبدت علامات انتصار المسلمين، لكن حدث أن
افتتح الفرنج ثغرة فى معسكر غنائم المسلمين وارتفعت فيه صيحة
مجهول تقول إن معسكر الغنائم سيقع فى يد العدو، فارتدت قوات
كبيرة إلى ماوراء الغنائم لحمايتها، واختلت صفوف المسلمين، وبينما
يحاول «الغافقى» إعادة النظام إلى جيشه أصابه سهم أرداه من
فوق جواده قتيلا، فعم الاضطراب بين المسلمين، وكثر القتل فيهم،
واشتد الفرنج عليهم، لكنهم صبروا حتى جن الليل وافترق الجيشان
دون فصل فى (أوائل رمضان 114هـ = 21 أكتوبر 732م)، ثم انسحب
المسلمون نحو مراكزهم فى «سبتمانيا» تاركين غنائمهم.
وفى فجر اليوم التالى تقدم «شارل» بحذر فوجد المعسكرات
الإسلامية خالية إلا من الجرحى ومن لم يتمكنوا من مرافقة الجيش
المنسحب فذبحوهم، وخشى «شارل مارتل» الخديعة فاكتفى
بانسحاب المسلمين ولم يتعقبهم، وآثر العودة بجيشه إلى الشمال.
وكان مقتل «الغافقى» خسارة فادحة للمسلمين، وضربة شديدة
لمشاريع الخلافة فى الغرب؛ إذ أخفقت آخر محاولة بذلتها لفتح العالم
الغربى.
عبدالملك بن قطن الفهرى:
تولى «عبدالملك بن قطن الفهرى» بعد استشهاد «الغافقى»، فعبر
إلى الأندلس فى جيش من جند إفريقية فى أواخر سنة (114هـ =
732م) وسار إلى «أراجون» وهزم الثائرين فى عدة مواقع، ثم عبر
جبال البرت إلى بلاد «البشكنس» سنة (115هـ = 733م)، وكانت أشد
المقاطعات الجبلية مراسًا وأكثرها انتفاضًا وثورة، فشتت جندها