المتبقى من الجيش، وكان عدده نحو خمسة آلاف مقاتل.
استعان «كسيلة» زعيم البربر بالروم على العرب الفاتحين، وأعد كل
منهما عدته وجنوده لملاقاتهم، ثم قطعوا خط الرجعة على «عقبة»
ومَن معه عند «سهل تهودة»، فاقتتل الفريقان قتالا شديدًا،
واستشهد «عقبة» وعدد كبير ممن كانوا معه، ودخل «كسيلة» زعيم
البربر مدينة «القيروان»، فانتهت بذلك المرحلة الثانية من مراحل
الفتح.
المرحلة الثالثة:
وهى مرحلة إتمام الفتح، وتمتد من سنة (69هـ=688م) إلى سنة
(90هـ=709م)، وتشمل جهود ثلاثة من القادة الفاتحين، وهم: «زهير بن
قيس»، و «حسان بن النعمان»، و «موسى بن نصير».
- زهير بن قيس البلوى:
أحدث استشهاد القائد «عقبة بن نافع» ومن معه من أبطال المسلمين
أثرًا سيئًا فى نفوس المسلمين المقيمين بالقيروان، وضاعت جهودهم
فى الإقامة بالمنطقة؛ حيث زحف «كسيلة» وجنوده على «القيروان»،
وبذل «زهير بن قيس» - الذى خلف «عقبة» فى إدارة شئون البلاد- كل
جهوده فى بث الحماسة والحمية فى نفوس المقيمين بها، وحثهم
على الثبات بقوله: «يا معشر المسلمين، إن أصحابكم قد دخلوا الجنة،
وقد منَّ الله عليهم بالشهادة، فاسلكوا سبيلهم، ويفتح الله لكم دون
ذلك». ولكن الخوف كان قد سيطر على نفوس الناس، فآثروا الرحيل
على الإقامة، وذهبت كل جهود «زهير» سدىً، واضطر إلى التخلى
عن «القيروان»، وتوجه إلى «برقة» مع من استطاع الرحيل من
المسلمين، وظل بعض المسلمين - ذوى الظروف الخاصة- بالقيروان،
وطلبوا الأمان من «كسيلة» فمنحهم إياه، وأعلن نفسه أميرًا على
المدينة.
توقف النشاط العسكرى بالمغرب مدة خمس سنوات تقريبًا، بسبب
الأحداث التى واجهتها الخلافة الأموية فى دمشق، حيث توفى الخليفة
«يزيد بن معاوية» فاضطرب البيت الأموى نتيجة لذلك، ثم تولى
«مروان بن الحكم» الخلافة، وقامت ثورة «عبدالله بن الزبير» بمكة،
فاستنزفت هذه الثورة وقت وجهد «مروان بن الحكم» وابنه
«عبدالملك» من بعده.