لجنوده معسكرًا يبعد عنها نحو ميلين، ثم أقام به، وأخذ يوجه
نشاطه الدينى والعسكرى منه، ويروى أنه خرج على رأس حملة
كبيرة وصلت إلى مدينة «تلمسان»، كما فتح «جزيرة شريك»،
وعامل البربر بمودة وعرفهم بحقيقة الدين الإسلامى وعمل على
نشره بينهم، ولم يستمر «أبو المهاجر» طويلا؛ إذ تم عزله، وعودة
«عقبة ابن نافع» مرة ثانية.
عقبة بن نافع:
عاد «عقبة» إلى المغرب ثانية فى سنة (62هـ=682م)، بقرار من
الخليفة «يزيد بن معاوية بن أبى سفيان»، وقد اختلفت ولايته الثانية
عن سابقتها؛ إذ بينما تميزت ولايته الأولى ببعض الأعمال العسكرية
الداخلية فى «إقليم الواحات»، وقضاء الشطر الأكبر منها فى تأسيس
مدينة «القيروان» وتعميرها، نراه فى ولايته الثانية يقوم بغزوة
كبرى، يصل فيها إلى شواطئ «المحيط الأطلسى»، وقد انطلق عبر
الطريق الداخلى بعيدًا عن الساحل، ودخل فى معارك عنيفة مع الروم
حتى أجبرهم على الفرار، وتمكن من فتح أمنع حصونهم مثل:
«لميس»، و «باغاية»، ثم فتح «أذنة» قاعدة «الزاب»، واستولى على
مغانم كثيرة منها، بعد معارك ضارية مع أهلها، ثم اتخذ طريق
الساحل ليطرق أبواب «المغرب الأقصى»، وتم له ذلك، فكان أول
فاتح عربى تطأ قدماه هذا الإقليم، فبادر «بطنجة» أهم مدن الإقليم،
فأسرع حاكمها «يليان»، وقدم فروض الطاعة لعقبة مع كثير من
الهدايا والتحف، فانطلق «عقبة» عقب ذلك إلى مدينة «وليلى» ومنها
إلى بلاد «درعة» و «السوس» والتقى هناك مع جموع البربر فى
معركة حامية، وتمكن من هزيمتهم، وواصل مسيرته حتى بلغ المحيط.
ولم ينس خلال كل هذه الأحداث الهدف الأسمى الذى خرج من أجل
تحقيقه، فبنى مسجدًا بالسوس وآخر بدرعة وجعل بهما بعض فقهاء
المسلمين ودعاتهم، لتعليم سكان هذه البلاد قواعد الدين الجديد، ثم
أذن «عقبة» لجزء كبير من قواته بالعودة إلى «القيروان» لطمأنة
أهاليهم، بعد غياب استمر ما يقرب من عام، وبقى «عقبة» مع الجزء