الفصل العاشر
علاقة الحجاز بمصر فى عهد الأيوبيين:
كان سقوط الدولة الفاطمية فى سنة (567هـ = 1771م)، وقيام الدولة
الأيوبية عاملا من عوامل تقوية العلاقات بين «مصر» و «الحجاز»؛ إذ
قامت خطة «صلاح الدين الأيوبى» على تحقيق الوحدة الداخلية بين
الأقطار الإسلامية كمرحلة أولى، تتلوها المواجهة مع الصليبيين،
وحرص على أن ينال رضا الخليفة على خطته، ليكون رضاه عاملا من
عوامل توحيد صفوف المسلمين وجمع شملهم.
لم يتدخل «صلاح الدين» فى شئون «الحجاز» الداخلية؛ بل اكتفى
بإجراءات تحقق الأمن والعدل لسكانه وللحجاج القادمين إليه، ولم
يغير نظام الحكم الذى كانت تتولاه أسرة الهواشم فى الحرمين
الشريفين، وأسقط فى سنة (572هـ) المكوس عن الحجاج إلى «مكة»
فى البحر عن طريق «عيذاب»، وعوض أمير «مكة» عن ذلك بثمانية
آلاف إردب قمحًا، تُحمل إليه سنويا إلى ساحل «جدة»، وأوقف لذلك
أوقافًا بصعيد «مصر»، وأرسل الأقوات إلى المجاورين والفقراء
بالحرمين الشريفين.
وحينما حج الملك المعظم «توران شاه بن نجم الدين أيوب» أخى
«صلاح الدين»، قادمًا من «اليمن» فى سنة (570هـ)؛ منح أهل
الحرمين عطاءً كبيرًا وأغدق عليهم، وعمهم بالخير، وقام بعدة
إصلاحات فى الحرمين الشريفين.
حاول الصليبيون غزو «المدينة المنورة» فى سنة (578هـ) للتنكيل
بالمسلمين، وعبر الصليبى «أرناط» أمير «الكرك» «بحر القلزم»
(الأحمر) إلى «عيذاب» على الساحل الشرقى للبحر الأحمر، وقتل
وأسر الكثيرين من أهاليها، ومضى يريد «المدينة المنورة»، وبلغ
ذلك «صلاح الدين»، فأمر بتجهيز جيش عظيم بقيادة الحاجب «حسام
الدين لؤلؤ» لرد عدوان «أرناط»؛ فخرج الجيش ونجح فى هزيمة
«أرناط» وإحراق أسطوله وإفشال حملته، وأُسِر عدد كبير من
جنوده، فأمر «صلاح الدين» بقتل الأسرى من جنود «أرناط»؛
ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حرم الله -تعالى-
وحرم رسوله - صلى الله عليه وسلم -.