واستولى على «لمغان» و «الملتان»، وسلك طريقًا إلى «دهلى»
العاصمة، فأسرع التغلقيون إلى كسب ود المغول ومهادنتهم،
فانسحبوا من بلادهم بعد أن ألحقوا بها الضرر.
حاول «محمد تغلق» غزو بلاد «الصين» من أجل الوصول إلى «ولايات
الهملايا» العليا؛ لكى ينشر الدين الإسلامى فى ربوع هذه المناطق،
أو - كما يدعى بعض المؤرخين - للاستيلاء على الكنوز التى كانت
تزخر بها «الصين» فى هذا الوقت. ولاشك أن «آل تغلق» قد عانوا
كثيرًا فى سبيل الحفاظ على ملكهم؛ حيث كانت الأخطار محدقة بهم
فى الداخل والخارج.
مظاهر الحضارة:
شجع «تغلق شاه» رعيته على تعمير الأرض والاهتمام بالزراعة،
فشق الترع والقنوات، وأصلح طرق الرى، وخفض الضريبة على
الأراضى الزراعية. وكان «محمد بن تغلق» من المشتغلين بالعلوم
والفنون والآداب، وله منثورات ومنظومات رفيعة المستوى باللغتين
العربية والفارسية، وكذلك كان يجيد الفلسفة والحكمة والمنطق، كما
برع فى الطب، وعالج الناس بنفسه، وأشرف على ملاجئ العجزة
التى أقامها لهم، وأنشأ مدينة «دولت آباد» لكى تكون عاصمة
لبلاده، إلا أنه عدل عن هذه الفكرة، ووفد عليه الكثيرون من
المشتغلين بالعلوم والفنون والآداب، وعمل على رعايتهم، ونهج
حكام أسرة «آل تغلق» سياسة فى استقطاب الأدباء والعلماء.
وجملة القول أن سلاطين دهلى عنوا بتشجيع الثقافة الإسلامية،
وأنفق السلطان المملوكى «ألتُمش» أموالا طائلة فى نسخ أعداد
كثيرة من القرآن الكريم؛ للاستفادة منها، وأسس العديد من المدارس،
وزيَّن بلاطه بالشعراء والأدباء، وحرص السلطان «بلبن» على عقد
المناظرات بين الشعراء والأدباء والعلماء فى بلاطه، وضم بلاط
السلطان «علاء الدين» الكثير من العلماء والأدباء، وشهد عهده
الكثير من الفلاسفة والحكماء والشعراء والمؤرخين والمترجمين
والأطباء والفلكيين، ولم يجتمع على باب أحد سلاطين «دهلى» من