كان «محمد بن تغلق» غريب الأطوار؛ حيث كان محبا للإنفاق والإغداق
وبذل الهبات والعطايا، وفى الوقت نفسه يعمل على إراقة الدماء،
ويسعد برؤيتها، فساءت الأحوال فى عهده، ونقل عاصمته إلى
مدينة «ديوكر» التى أطلق عليها اسم: «دولت آباد» لكى يأمن خطر
المغول، وأجبر سكان «دهلى» على الانتقال إلى العاصمة الجديدة،
فاشتدت الأمور سوءًا، وقامت الثورات فى وجهه، ونشطت الحركات
الاستقلالية فى عهده، فعدل عن الاستقرار فى هذه العاصمة
الجديدة، ولكن الخراب والدمار قد لحقا بدهلى نتيجة هجرها، ولم
يتمكن الناس من العودة إليها، فبنى لهم مدينة جديدة بالقرب منها.
لم يكن للسلطان «محمد بن تغلق» وريث للحكم حين وفاته، فورثه ابن
عمه «فيروز تغلق» فى عام (752هـ = 1351م)، وحكم فى الناس
بالعدل، وسار بينهم سيرة حسنة، ثم خلفه حفيده «غياث الدين تغلق
شاه الثانى» فى عام (790هـ = 1388م)، ونشطت فى عهده
الحركات الاستقلالية، وظلت البلاد فى هذا الوضع المضطرب حتى
وفاة آخر سلاطين «آل تغلق» فى عام (815هـ = 1412م)، فاجتمع
أعيان «دهلى»، ونصبوا «دولت خان» حاكمة على البلاد، ثم تعرضت
«دهلى» للغزو التيمورى الذى قضى على مظاهر الحضارة فيها،
وأهلك الحرث والنسل، ولكن هذه الحضارة عادت مظاهرها ثانية إلى
هذه السلطنة فى عهد «ظهير الدين محمد بابر» فاتح «الهندوستان»،
الذى ينتهى نسبه إلى «تيمورلنك» من ناحية أبيه، وإلى
«جنكيزخان» من ناحية أمه.
العلاقات الخارجية:
لاشك أن السياسة التعسفية التى انتهجها «خسرو شاه» فى عدائه
السافر للمسلمين، وتحيزه لبنى جنسه، هى التى دفعت المسلمين
إلى الفرار من صفوفه والانضمام إلى صفوف «تغلق شاه» مؤسس
«الدولة التغلقية». وتعرضت أسرة «آل تغلق» للاضطرابات
والمشاكل، وقامت بدولتهم عدة حركات انفصالية، واقتحم زعيم
القبائل الجغتائية المغولى حدود بلادهم فى سنة (727هـ = 1327م)،