سنة (612هـ) بعد أن تغلب المغول بقيادة «جنكيزخان» على جميع
البلاد المتحضرة المجاورة لهم فلم يقصدوا بلدًا إلا فتحوه، حتى بلاد
«الصين» التى ظلت فى نظر القبائل المغولية أرضًا لايمكن أن
تستباح حرمتها بأية قوة، تمكن «جنكيزخان» من دخولها، وفتح
«بكين» عاصمة «الصين الشمالية» فى سنة (612هـ)، التى وقع فيها
الصدام بين الخوارزميين والمغول حين قاد أحد زعماء القبائل الفارين
من وجه «جنكيزخان» مجموعة من أبناء قبيلته وانطلق شمالا،
واستقر فى منطقة قريبة من نفوذ الخوارزميين، فأرسل
«جنكيزخان» ابنه «جوجى» (توشى) على رأس فرقة صغيرة من
جنوده لتعقب هؤلاء الفارين، فقضى «جوجى» عليهم، ثم عاد أدراجه
قاصدًا «منغوليا»، فالتقى فى طريق العودة بجيش كان يقوده
السلطان «محمد خوارزمشاه» بنفسه، فبعث «جوجى» إليه برسالة
مؤداها أن المغول ما قدموا إلا من أجل دفع الثوار الخارجين، ولم
يأتوا لمحاربة المسلمين، وليست عندهم أوامر بذلك، فلما قرأ
«السلطان محمد» الرسالة ركبه الغرور، وأعلن الحرب عليهم،
وهاجمهم، واستمرت الحرب سجالا بين الطرفين طيلة النهار حتى أتى
الليل، فأشعل المغول النار فى معسكرهم، ثم انسحبوا فى جنح
الليل، واكتشف السلطان أمرهم عند طلوع النهار، فأثر ذلك فى
نفسه وترك بداخله جرحًا عميقًا وخوفًا شديدًا، فقد رأى بنفسه ما
يتمتع به هؤلاء المغول من مقدرة على خوض غمار الحروب.
فلما هاجم المغول بلاده - بعد ذلك - أخذ يتقهقر أمامهم بغير انتظام،
وفقد القدرة على مواجهتهم ومنازلتهم، وقد استولت عليه الدهشة
عندما سمع بنبأ فتح المغول للعاصمة الصينية «بكين»، ولم يصدق
ذلك حيث كانت «الصين» تتمتع بنظام إدارى وعسكرى فريد، وبعث
«بهاء الدين الرازى» أحد أركان دولته لاستطلاع هذا الخبر، فلما
تأكد «الرازى» من صحة الخبر، عاد إلى السلطان «محمد
خوارزمشاه» ووصف له ما رأى خلال رحلته بقوله: «عندما وصلنا إلى