الفصل الثاني
أولا: جنكيزخان وتوحيد القبائل:
وُلد «جنكيزخان» فى سنة (549هـ = 1154م)، بإحدى المناطق
المغولية، وكان أبوه «يسوكاى بهادر» رئيسًا لقبيلة «قيات»
المغولية، وكان يحارب - أحيانًا- القبائل المجاورة له، كما كان
يصطدم ببعض قبائل التتار، وقد خرج مرة لمحاربة رئيس إحدى
القبائل التترية، وانتصر عليه، وتمكن من أسره وقتله، فلما عاد إلى
موطنه وجد امرأته قد ولدت مولودًا، فأسماه «تموجين» بنفس اسم
رئيس قبيلة التتار الذى تمكن من أسره وقتله، تيمنًا بانتصاره عليه.
عاش «تموجين» حياة عز ودلال فى مطلع حياته، إلا أنه لم ينعم بها
طويلا، حيث مات أبوه وهو فى الثالثة عشرة من عمره، فتغير
الحال، وانفض عنه أكثر الناس، واضطر إلى الاعتماد على نفسه فى
رعاية أسرته، فكونت هذه الفترة شخصيته، وطبعته بطابع الجد
والصرامة، لدرجة أنه كان يستطيع أن يبقى ثلاثة أيام دون طعام أو
شراب، فلما بلغ السابعة عشرة من عمره التف حوله جماعة من الناس،
وتمكن من خلالهم أن يكون قوة يُخشى بأسها فى المنطقة، فبدأ
يفرض نفوذه على القبائل المجاورة، واحدة تلو الأخرى.
كانت شخصية «تموجين» القوية من بين الأسباب التى دفعت الناس
إلى الالتفاف حوله، فبدأ بفرض نفوذه، ثم السيطرة على القبائل
الكبيرة، وتمكن فى سنة (599هـ) من إحراز نصر كبير على قبيلة
«كرايت»، وأسرعت القبائل الأخرى إلى الدخول فى طاعته، وقضى
على ملك «النايمان»، ودخلت قبائله تحت إمرته فى سنة (600هـ)؛
التى اجتمعت فيها القبائل وأجمعت على اختيار «تموجين» إمبراطورًا
لها تحت اسم جنكيزخان.
وتُعدُّ هذه السنة بداية للدولة المغولية، التى وضع لها «جنكيزخان»
مجموعة من القوانين الصارمة عرفت باسم «دستور الياسّا» فى عام
(603هـ)، وكان على كل من يخضع لهذه القوانين أن يدين لها
بالولاء، أما من يخرج عليها فليس له من جزاء إلا القتل فورًا، وهكذا