القضاء المستعجل، الذى يتطلب البتّ السريع فى القضايا التى لا
تحتمل الانتظار، ويبدو أن الذى أدَّى إلى استحداث هذا النوع من
القضاء هو حدوث خصومات بين أطراف غير متكافئة، كأن يكون أحد
طرفى الخصومة أميرًا أو واليًا أو من عِلْية القوم، الأمر الذى يتطلب
حزمًا وشدة، لردع الخصم المتعالى.
ولم يُعمَل بهذا النوع من القضاء فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم -
ولا فى عصر الخلفاء الراشدين، لأن الناس كانوا فى الغالب لا يتعالى
أحدهم على خصمه، على حين تغيَّر الحال بعض التغيُّر فى العصر
الأموى، ولم يعد الوازع الدينى كما كان فى العهد النبوى وعصر
الراشدين، ولم يعد القضاء العادى كافيًا للفصل فى جميع
المنازعات، لمجاهرة بعض الناس بالظلم والتعالى على الخصوم،
فدعت الضرورة إلى إنشاء هذا النوع المسمى بقضاء المظالم، وكان
له ديوان يعرف بديوان المظالم، وكانت سلطته أعلى من سلطة
القاضى.
ونظرًا إلى أهمية هذا القضاء وما يتطلبه من الحزم والهيبة، فقد كان
بعض خلفاء (بنى أمية) يتولونه بأنفسهم، وأول من جلس منهم لقضاء
المظالم هو (عبدالملك بن مروان).
وكما كان قاضى المظالم يقضى بين الأفراد عامة، فإنه كان يقضى
بين الأفراد وكبار المسئولين، الذين يحيدون عن طريق العدل
والإنصاف من الولاة وعمال الخراج.
الحسبة:
(الحسبة) نظام إسلامى يقوم بالإشراف على المرافق العامة، ومنع
أى انحراف، وعقاب المذنبين، وهى وظيفة دينية شبه قضائية،
عرفها التاريخ الإسلامى من بدايته.
تقوم على فكرة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، امتثالا لقوله
تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر} [آل عمران: من 104].
والأصل فى هذا النظام الإسلامى هو قيام الناس جميعًا بهذا الواجب
الذى هو من فروض الكفاية، لكن الدولة الإسلامية لم تدع ذلك الأمر
للأفراد؛ خوفًا من حدوث فتن ومشاحنات، وإنما نظَّمته، وجعلته