ومن الصحابة الذين كانوا يتولون القضاء فى حياة النبى - صلى الله
عليه وسلم - (عمر بن الخطاب) و (على بن أبى طالب)،و (معاذ بن جبل)،
و (عبد الله بن مسعود)، وغيرهم.
ولما بويع (أبو بكر الصديق) بالخلافة، وانشغل بمحاربة المرتدين
وتسيير الجيوش لفتح (العراق) و (الشام)، وكثرت عليه أعباء الدولة؛
خصَّ (عمر بن الخطاب) بالقضاء فى (المدينة).
وفى عهد (عمر بن الخطاب) اتسعت الدولة اتساعًا كبيرًا، فعيَّن قضاة
من قبله على الولايات، فعيَّن (كعب بن سور) على قضاء (البصرة)،
و (شريحا) على قضاء (الكوفة)، ومن أشهر من تولوا القضاء فى عهد
(عمر) (أبو موسى الأشعرى)، الذى كتب له (عمر) رسالة مشهورة،
بين له فيها أهم الأسس والمبادئ التى ينبغى للقاضى أن يسير
عليها، واستمر (عثمان) و (على بن أبى طالب) فى تعيين القضاة من
قبلهم على الولايات.
وسار الأمويون على سنة الراشدين فى تعيين القضاة على الأقاليم،
وحرصوا على أن يكون قضاتهم من أهل الاجتهاد والورع والتقى،
ولم يتدخلوا فى عملهم، وخضعوا لأحكامهم مثل غيرهم من عامة
الناس.
وقد اتسعت دائرة عمل القضاة فى العصر الأموى، نظرًا إلى اتساع
مساحة الدولة، وكثرة المشاكل والمنازعات بين الناس، مما أدَّى إلى
اتساع دائرة الفقه الإسلامى، لأن كثيرًا من أحكام القضاة فى تلك
الفترة أصبحت قواعد فقهية عند تدوين الفقه بعد ذلك، وكان بعض
القضاة يسجل أحكامه فى القضايا التى يفصل فيها، وأول من فعل
ذلك قاضى (مصر) (سليم التجيبى) فى عهد (معاوية بن أبى سفيان).
ومن أشهر القضاة فى العصر الأموى (أبو إدريس الخولانى)،
و (عبد الرحمن بن حجيرة)، و (أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى)،
و (عبد الرحمن بن أذينة)، و (هشام بن هبيرة)، و (عامر بن شراحبيل
الشعبى)، و (عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبى)، وكثيرون غيرهم.
قضاء المظالم:
استُحدث هذا النظام القضائى فى العصر الأموى، وهو نوع من أنواع