كان له أثر عظيم فى انتشار الإسلام واللغة العربية فى البلاد
المفتوحة، لأن أبناء تلك البلاد أقبلوا على تعلُّم العربية؛ ليبقُوا فى
وظائفهم فى الديوان، ثم قادتهم العربية إلى معرفة الإسلام فأقبلوا
على اعتناقه.
وكما قام (عبد الملك بن مروان) بتعريب دواوين الخراج، أقدم على
خطوة أخرى لا تقل أهمية عن تعريب الدواوين، وهى تعريب النقد
المتداول فى الدولة، وكانت الدولة الإسلامية إلى عهده تستخدم
الدنانير البيزنطية، فقضى على هذا وأمر بإنشاء دور لسك النقود
فى (دمشق) وغيرها من المدن الإسلامية، لسك العملات التى تحمل
شعارات إسلامية، وألغى تداول العملات غير الإسلامية، وبهذا صبغ
الدولة كلها، بأجهزتها ودواوينها بالصبغة العربية الإسلامية.
الحاجب:
- (وظيفة الحاجب) من الوظائف المهمة فى الدولة الإسلامية، وهى
وثيقة الصلة بدار الخلافة، واختص صاحبها بترتيب مواعيد الخليفة،
وعرض الأعمال عليه، وتنظيم دخول القادمين لمقابلته من كبار رجال
الدولة والأمراء والوزراء والقادة، فهى أشبه بوظيفة (رئيس ديوان
رئاسة الجمهورية) فى النظم الجمهورية المعاصرة، أو وظيفة (رئيس
الديوان الملكى) فى النظم الملكية.
وقد حرص خلفاء (بنى أمية) أن يكون حُجَّابهم من أهل بيتهم، أو من
أقرب الناس إليهم من أهل الشرف والحسب والنسب، ومن ذوى الفقه
والرأى، والثقافة العالية، والعلم الغزير؛ لأنهم عدُّو (الحاجب) وجههم
الذى يطالعون به الناس، ولسانهم الذى يتحدثون به إليهم، كما
حرصوا أن يكون حجَّاب ولاتهم فى الأقاليم على المستوى نفسه.
القضاء فى العصر الأموى:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتولَّى القضاء بنفسه فى
(المدينة)، ثم أذن لبعض أصحابه بالقضاء بين الناس، لما انتشر أمر
الدعوة الإسلامية فى شبه الجزيرة العربية، وكثرت القضايا
والخصومات، وكانوا يقضون على أساس القرآن الكريم والسنة
النبوية، والاجتهاد فيما لم يرد فيه نص من كتاب الله أو سنة رسوله،