من أكثر الرجال ولاءً وإخلاصًا لها.

وتمتَّع هؤلاء الولاة بسلطات واسعة، مكنَّتهم من التصرف بما يرونه

محققًا لمصالح الدولة والمجتمع، وكانت هذه السياسة التى اتبعها

الأمويون مع ولاتهم مختلفة عن سياسة الخلفاء الراشدين؛ حيث كانت

سلطات ولاتهم مقيَّدة، وحرصوا على الفصل بين السلطات السياسية

والإدارية والعسكرية، وبين السلطات المالية والقضائية، بمعنى أنهم

كانوا يعينون إلى جانب الوالى - الذى يُسمَّى والى الحرب والصلاة-

واليًا لبيت المال يُسمَّى صاحب الخراج، وكان مسئولا أمام الخليفة

مباشرة، حتى لا تمتد أيدى الولاة إلى أموال الدولة، كما كانوا

يعينون القضاة للأقاليم بأنفسهم.

أما فى العصر الأموى، فكان الولاة يشرفون غالبًا على الشئون

المالية، ولاشك أن أسلوب الخلفاء الراشدين كان أسلم وأقوى حرصًا

على المال العام. وإذا شئنا أن نستخدم التعبيرات العصرية فى مجال

الإدارة قلنا إن إدارة الخلفاء الراشدين كانت مركزية، وكان ذلك

مطلوبًا فى ذلك الوقت؛ حيث كانت الدولة فى مرحلة البناء، وكان

الخلفاء الراشدون راغبين فى الاطلاع على كل شىء بأنفسهم، على

حين كان طابع الإدارة الأموية لامركزيا، نظرًا لاتساع الدولة، وبُعد ما

بين الولايات وعاصمة الخلافة فى (دمشق)، ولايعنى هذا أن الولاة

كانوا فى العصر الأموى يفعلون ما يشاءون دون رقابة أو محاسبة

من الخلفاء الذين لم يكونوا يترددون فى عزل أى والٍ مهما تكن

درجة قرابته منهم إذا ثبت أنه أخل بواجبات وظيفته، أو لم يقم بما

هو مكلف به على النحو الأكمل.

وكانت دقة الأمويين فى اختيار ولاتهم هى التى مكنتهم من حكم

هذه الدولة العملاقة وإدارتها وبسط الأمن والنظام فى ربوعها

الممتدة الأطراف، التى ضمت شعوبًا مختلفة الأجناس واللغات

والثقافات والعادات والتقاليد، ومن ثم فإن صهر هذه الشعوب فى

بوتقة واحدة، وإخضاعها لنظام واحد، لم يكن أمرًا سهلا، فى وقت

كانت فيه الخيل هى أسرع وسيلة للمواصلات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015