أمام الناس سبلا واضحة من الآمال الكبيرة، وأن يخلصهم فى أقرب
وقت من عبوديتهم وحالتهم السيئة).
وقد تتابع دخول الفرس بأعداد كبيرة فى الإسلام دون إكراه،
مدفوعين بالدعوة الصادقة التى يقوم بها المسلمون لدينهم،
والتعريف به وشرح مبادئه، والالتزام بها فى حياتهم، كل ذلك كان له
عظيم الأثر فى التمكين للإسلام فى البلاد.
ثم خطا الأمويون خطوات واسعة أدَّت إلى انتشار الإسلام واللغة
العربية فى بلاد فارس، تمثلت فى تهجير عشرات من القبائل العربية
إلى الأقاليم الفارسية وتسكينهم فيها، فنقل (زياد بن أبى سفيان)
والى (العراق) فى خلافة (معاوية) سنة (51هـ) خمسين ألف أسرة
عربية من أهل (البصرة) و (الكوفة) إلى (خراسان) دفعة واحدة،
وتتابعت بعد ذلك الهجرات العربية إلى الأقاليم الفارسية بأعداد
كبيرة؛ مما كان له أثر كبير فى نشر الإسلام عن طريق المعايشة،
والقدوة العملية، وإقامة شعائر الدين.
وفى الوقت نفسه هاجرت أعداد كبيرة من الفرس إلى المدن العربية
الجديدة كالبصرة و (الكوفة)، بقصد العمل فى التجارة والأعمال
الحرفية، كأعمال البناء التى لا يجيدها العرب، كما عمل كثيرون
منهم فى دواوين الدولة، وقد بلغ عدد العمال من الفرس - أى
الموظفين - المقيدين فى ديوان (عبيدالله بن زياد) والى (البصرة) (55 -
64هـ) مائة وأربعين ألفًا، وهو رقم غير مبالغ فيه، لأن ديوان
(البصرة) كان يشمل الموظفين المدنيين فى جنوبى (العراق)، وكل
المقاطعات الجنوبية الشرقية من بلاد فارس حتى (خراسان) شمالا.
وقد علل (ابن زياد) استخدام هذا العدد الكبير من الفرس فى الديوان
بكفاءتهم ومهارتهم وأمانتهم فى العمل، وهذا يعنى ثقة الدولة
بالموظفين من الفرس، وهذه الثقة شجعتهم على الدخول فى الإسلام.
وأدَّى وجود أعداد كبيرة من الفرس فى البيوت العربية، ومصاهرتهم
للعرب، إلى انتشار الإسلام بينهم، واتخاذ أسماء وألقاب عربية.