ويمكن إجمال القول بأن غالبية الشعب الفارسى تحولت إلى الإسلام
فى العصر الأموى، وأصبحت عنصرًا مؤثرًا فى المجتمع والدولة
الإسلامية ذاتها، وكانت فى طليعة المجاهدين فى فتح بلاد (ما وراء
النهر).
موقف الموالى الفرس من الدولة الأموية:
كان لبعض الموالى الفرس مواقف عدائية ضد الدولة الأموية، على
الرغم من تسامح الحكومة مع الفرس وإشراكهم فى الإدارة، بل
تفضيلهم أحيانًا على العرب أنفسهم؛ فلم يتركوا فرصة للخروج عليها
إلا انتهزوها، ولا دعوة لثائر إلا انضموا تحت لوائه، أيا كان اتجاهه
السياسى، فانضموا إلى (ابن الزبير)، و (المختار الثقفى)،
و (عبدالرحمن بن الأشعث)، و (يزيد بن المهلب)، وغيرهم، وناصروا
الخوارج، وتحالفوا مع الشيعة دائمًا.
وهذه المواقف العدائية من الدولة الأموية جعلت بعض الباحثين يظنون
أنهم فعلوا ذلك لظلم وقع عليهم من الدولة، وراحوا يكيلون التهم
جزافًا للأمويين بأنهم متعصبون للعرب ضد الفرس، وهذا اتهام لا دليل
عليه وبعيد عن واقع الأمر، فالدولة الأموية عُرفَت بتسامحها مع غير
المسلمين من أهل الذمة، فكيف يضيق صدرها بالمسلمين من الموالى
ولعل السبب الرئيسى فى عداء الموالى للدولة الأموية يكمن فى أن
كثيرين من أبناء فارس لم يستطيعوا التخلص تمامًا من ماضيهم، حيث
كانوا أصحاب السيادة على العرب، ولهم نفوذ فى العالم، فلما فتح
المسلمون بلادهم عزَّ عليهم أن يحكمهم العرب، فعملوا كل ما فى
وسعهم لتقويض الدولة الأموية.
ولم يكن الموالى كلهم يعادون العرب، ولذا نستطيع أن نقسم الموالى
إلى أربع طوائف رئيسية، هى:
- الطائفة الأولى: أسلمت إسلامًا حقيقيا، ارتفع بها فوق العصبية
القومية، مثل: (سلمان الفارسى)، رضى الله عنه، و (الحسن البصرى)
التابعى المعروف، وهذه الطائفة لم تر بأسًا فى أن يحكمها العرب،
ونظرت إليهم نظرة تقدير واحترام؛ لأنهم سبب هدايتها، وبادل العرب