الإسلام، وكانوا قبل ذلك أقرب ما يكونون إلى حال الرق، ذلا
واستعبادًا للفرس، فأقبلوا على اعتناق الإسلام فى حرية تامة.
ولم يسلم عرب (العراق) فقط، بل أسلم كثير من الفرس أنفسهم، الذى
يعيشون فى (العراق)، وقدموا للمسلمين مساعدات كثيرة، ووقفوا
إلى جانبهم فى المعارك، فاستشار (سعد بن أبى وقاص) من أسلم
من الفرس فى كيفية التغلب على الفيلة الفارسية المدربة على الحرب
والقتال، ولم تكن للفاتحين المسلمين خبرة بمواجهتها فى ساحات
المعارك، فدلوه على مقاتلها، بأن تُضرب فى عيونها ومشافرها،
فلا تستطيع القتال بعد ذلك.
ثم ازداد إقبال الفرس على الدخول فى الإسلام بعد انتصار المسلمين
فى (القادسية)، فأسلم أربعة آلاف من (الديلم) دفعة واحدة، وجاهدوا
مع الفاتحين فى (نهاوند)، ويدل تزايد الإقبال على الدخول فى
الإسلام، سواء من العرب أو من غيرهم على أن اشتراك الطبقات
المقهورة مع الفرس ضد المسلمين فى البداية، إنما كان خوفًا من
بطشهم، فلما تحطمت قوتهم فى (القادسية) زال الخوف، وأقبل الناس
على الإسلام.
وإلى جانب هؤلاء أسلمت أعداد كبيرة من الأساورة والأشراف وعلية
القوم، فرحَّب بهم القادة العرب، وأشركوهم معهم فى الحكم،
فيروى (الطبرى) أن (سعد بن أبى وقَّاص) كتب إلى (عبدالله بن
المعتم) أن أخلف على (الموصل) (مسلم بن عبداللهـ) الذى كان قد أُسِرَ
فى (القادسية)، وأن (القعقاع بن عمرو التميمى) استخلف على
(حلوان) - مدينة فارسية شمالى شرقى (المدائن) - بعد فتحها، رجلا
فارسيا اسمه (قباذ).
وقد أخذ الإسلام ينتشر فى (العراق) باطِّراد إلى أن أصبح بلدًا عربيا
إسلاميا خالصًا فى العصر الأموى، ومركزًا ودعامة لتثبيت الحكم
الإسلامى فى بلاد فارس، ومنطلقًا للفتوحات الإسلامية فى بلاد (ما
وراء النهر) و (السند).
انتشار الإسلام فى بلاد فارس:
كانت الديانة الرئيسية فى بلاد فارس قبل الفتح الإسلامى هى الديانة