بساطة الإسلام وبعده عن التعقيدات الكهنوتية التى حفلت بها
ديانتهم، واختلاط المسلمين الفاتحين بأهل البلاد ومصاهرتهم، وقد
فعل ذلك أعداد كبيرة من المسلمين، حتى الأمراء منهم، فقد تزوج
(عبدالعزيز بن موسى بن نصير) بابنة الملك القوطى (رذريق)، وحذا
حذوه كثير من القادة والجنود، ونتج عن هذه المصاهرات جيل جديد
فى الأندلس) عُرف بالمولدين، وهم الذين ولدوا من آباء عرب وأمهات
أندلسيات، وهؤلاء نشئوا مسلمين بطبيعة الحال، وسرعان ما تزايد
عددهم، وأصبحوا يشكلون غالبية السكان، واحتلوا مكانة كبيرة فى
المجتمع وكان لهم دورهم فى تسيير أمور الدولة الإسلامية.
وقد أصبح هذا الجزء الذى يقع فى جنوبى غربى (أوربا) بلدًا عربيا
مسلمًا فى حرية تامة ودون تعصب أو إكراه، ولم يستغل الفاتحون
المسلمون انتصارهم على (القوط) فى استئصال المسيحية من البلاد
كما فعل (فرديناند) و (إيزابيلا) فى استئصال المسلمين بعد ذلك
بثمانية قرون.
انتشار الإسلام فى العراق:
كان معظم سكان (العراق) عند الفتح الإسلامى عربًا من قبائل
(ربيعة)، مثل: (بكر بن وائل) و (تغلب)،ثم جاء المناذرة اللخميون ومن
هم من قبائل (اليمن)، فأقاموا فى (العراق) إمارة عربية عُرفَت
بإمارة (المناذرة)، كانت خاضعة للفرس، تأتمر بأمرهم، وتصد غارات
القبائل العربية عليهم، وهجمات البيزنطيين وحلفائهم غساسنة
الشام، وقبيل ظهور الإسلام أنهى الفرس سنة (602م) حكم المناذرة،
وحكموا (العراق) حكمًا مباشرًا.
ولم يكن موقف عرب (العراق) من الفاتحين المسلمين عدائيا صريحًا،
وإنما تراوح بين العداء والوقوف مع الفرس وتأييدهم وبين التعاون
مع العرب الفاتحين، ثم الترحيب بهم بعد توالى انتصاراتهم على
الفرس فى (القادسية) و (نهاوند).
وقد وجد سكان (العراق) أنفسهم بعد الفتح تحت حكم المسلمين
يعاملون معاملة حسنة، تُحفظ لهم كرامتهم وحريتهم، وتصان
عقائدهم، ولم تنتزع أرضهم، ولم يجبرهم أحد على الدخول فى