كان معظم سكان الشام عند الفتح الإسلامى من العرب الذين هاجروا

من شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام بعدة قرون، وأقاموا هناك

ممالك وإمارات، وإلى جانب هؤلاء كانت هناك أقليات من اليهود

والأرمن المسيحيين، والروم، والأكراد.

وقد وقف عرب الشام فى بداية الفتوحات الإسلامية فى عهد

الراشدين مع الروم ضد أبناء عمومتهم العرب الفاتحين، ظنا منهم

أنهم جاءوا إلى الشام لمزاحمتهم فيه، وأخذ أرضهم وأموالهم، لكنهم

حين فطنوا إلى أهداف المسلمين الرفيعة ورسالتهم السامية، القائمة

على العدل والحرية والمساواة، اطمأنت نفوسهم إلى الإسلام،

وأَنسوا إلى جانب المسلمين، وبخاصة بعد انتهاء المعارك ووضوح

نتائجها، وزوال سلطان الروم عنهم.

وقد أدَّى ذلك إلى مشاركة عرب الشام عربَ الجزيرة فى عقيدتهم

ومثلهم وتطلعهم للحياة، وبخاصة أنهم وجدوا أبواب العمل فى الدولة

الإسلامية مفتوحة أمامهم، فمن أسلم أصبح منهم، وربما تدفعه

مواهبه إلى الصفوف الأولى مع كبار القادة العظام، مثل (حسان بن

النعمان) الذى كان ينتمى إلى الأسرة الحاكمة فى الشام عند الفتح

الإسلامى، ومن بقى على مسيحيته شارك فى ميادين العمل الإدارى

والمالى.

وكان نشر الإسلام فى الشام موضع عناية المسلمين وهدفهم، منذ

الخطوات الأولى للفتح، فقد أرسل (يزيد بن أبى سفيان) إلى (عمر بن

الخطاب) يطلب معلمين من الصحابة، يعلمون الناس شرائع الإسلام

ويقرءونهم القرآن، فبعث إليه عددًا من كبار الصحابة، منهم: (عبادة

بن الصامت)، و (أبو الدرداء)، و (معاذ بن جبل)، رضى الله عنهم،

وبدأت القبائل العربية التى كانت تقطن الشام قبل الفتح الإسلامى

تقبل على الإسلام عن اختيار وفى حرية تامة، فأسلمت أغلبية قبيلة

(الغساسنة) كبرى القبائل العربية فى الشام، وكانت لها دولة تبسط

سلطانها على (جنوبىّ سوريا)، و (شرقى الأردن)، وكذا قبائل (لخم)

و (جذام) و (كلب).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015