ولم يقتصر الدخول فى الإسلام على القبائل العربية بل اعتنق الإسلامَ
كثيرٌ من المسيحيين غير العرب؛ كالأرمن والروم، لما فيه من بساطة
وسماحة، بالقياس إلى المسيحية التى تحولت إلى طلاسم وألغاز
وجدل عقيم.
ويذكر (توماس آرنولد) أن (انتشار الإسلام بين نصارى الكنائس
الشرقية كان نتيجة شعور بالاستياء من السفسطة المذهبية التى
جلبتها الروح الهللينية إلى اللاهوت المسيحى، لأنها أحالت تعاليم
المسيح - عليه السلام - البسيطة السامية إلى عقيدة محفوفة بمذاهب
عويصة، مليئة بالشكوك والشبهات، فأدى ذلك إلى خلق شعور من
اليأس، بل زعزع أصول العقيدة الدينية ذاتها، فلما أهلَّت آخر الأمر
أنباء الوحى الجديد فجأة من الصحراء، لم تعد تلك المسيحية الشرقية
التى اختلطت بالغش والزيف، وتمزَّقت بفعل الانقسامات الداخلية،
قادرة على مقاومة إغراء الدين الجديد - الإسلام - الذى بدَّد بضربة
واحدة من ضرباته كل الشكوك التافهة، وقدَّم مزايا مادية جديدة إلى
جانب مبادئه الواضحة البسيطة التى لا تقبل الجدل، وحينئذٍ ترك
الشرق المسيح، وارتمى فى أحضان نبى بلاد العرب).
وكان من الطبيعى أن يكون حجم انتشار الإسلام فى الشام كبيرًا،
لقربه من (الحجاز) منزل الوحى، ووفود كثير من الصحابة إليه فى
الفتوحات وبعدها، وإقامتهم فيه، وإقامة كثير من أفراد جيوش الفتح
الوافدة من الجزيرة العربية فى الشام.
ولما قامت الدولة الأموية سنة (41هـ) واتخذت من (دمشق) عاصمة لها،
اتسع نطاق انتشار الإسلام بين القبائل العربية، وأصبح الشام قطرًا
عربيا إسلاميا خالصًا، يعيش فيه بعض الأقليات المسيحية واليهودية
فى حرية وأمان.
انتشار الإسلام فى مصر:
فُتحت (مصر) فى عهد (عمر بن الخطاب)، ومنذ الأيام الأولى للفتح
أقبل بعض المسيحيين على الدخول فى الإسلام بحرية تامة وحتى
قبل تمام الفتح، فقد كتب (يوحنا النقيوسى) - وهو رجل دين مسيحى