وملاءمته للفطرة الإنسانية، ولعدم اقتناعهم بالأديان التى كانت
سائدة فى بلادهم، ومعظمها كانت ديانات وضعية وثنية
كالزرادشتية، و (البوذية)، و (المانوية) و (المزدكية)، حتى (اليهودية)
و (النصرانية) دخلها الزيف والتحريف والتعقيد، وأصبحت كل منهما
تستعصى على الفهم. يقول أحد الباحثين المسيحيين: (ومن المرجح
أن تأثير المسيحية فى السواد الأعظم من شعب مصر كان قليلا فى
القرن السابع - عند الفتح الإسلامى لها- وأن التعليقات النظرية التى
استغلها زعماؤهم فى إثارة شعور الكراهية والمقاومة فى وجه
الحكومة البيزنطية، كان يمكن أن يدركها عدد قليل جدا من الناس،
كما أن سرعة انتشار الإسلام قد تكون راجعة إلى عجز ديانة
كالديانة المسيحية، وعدم صلاحيتها للبقاء، أكثر من أن تكون راجعة
إلى الجهود الظاهرة التى قام بها الفاتحون لجذب الآهلين إلى
الإسلام).
- خامسًا: أثر سياسة الدولة الأموية فى انتشار الإسلام:
حافظ الأمويون على روح التسامح الإسلامى فى سياستهم للبلاد
المفتوحة إلى حد كبير، فالتزموا بنصوص المعاهدات وروحها التى
أعطيت لأهالى تلك البلاد، فلم ينكثوا عهدًا أو ينقضوا معاهدة، وإذا
حدث شىء من هذا فإن الدولة تسارع بتصحيح الخطأ، ولم تذكر
المصادر التاريخية سوى حدث واحد من هذا القبيل وقع فى العصر
الأموى، حين نقض (قتيبة بن مسلم) عهده مع أهل (سمرقند)، وكان
قد دخل مدينتهم بناءً على اتفاق معهم على أن يخرج منها بعد أن
يبنى فيها مسجدًا، لكنه لم يخرج منها ناقضًا اتفاقه معهم، فشكوا
إلى (عمر بن عبدالعزيز)، فأمر الوالى بأن يحقق فى المسألة
بإنصاف، فحكم القاضى المسلم بإخراج المسلمين من (سمرقند)، وأن
ينابزوا أهلها على سواء، فكرهوا القتال، وأقروا المسلمين على
البقاء فيها، وأسعدهم هذا المسلك من الحكومة الإسلامية التى لم
تفرق بين المسلم وغير المسلم فى العدل، فأقبلوا على اعتناق
الإسلام.
انتشار الإسلام فى الشام: