«فلسطين»، واعتزل الفتنة، وبقى هناك حتى مات فى مدينة
«عسقلان» سنة (37هـ).
وكذلك دخل «عثمان بن حنيف» «البصرة»، وتولى شئونها بدون
مشاكل؛ لأن واليها «عبدالله بن عامر» كان قد تركها وذهب إلى
«مكة».
أما «عمارة بن شهاب» فلم يمكنه أهل «الكوفة» من دخولها،
وتمسكوا بواليهم «أبى موسى الأشعرى»، فوافق الإمام «على»
على ذلك، وأقر عليهم «أبا موسى الأشعرى».
وكذلك لم يستطع «سهل بن حنيف» دخول الشام، فقد منعه «معاوية
بن أبى سفيان»، رافضًا قرار العزل. وهنا لم يعامل الإمام «على»
الشام معاملة «الكوفة»، فإنه رفض إقرار «معاوية» فى ولاية
الشام، مع أن تمسك أهلها به كان أشد من تمسك أهل «الكوفة»
بأبى موسى الأشعرى.
بين على ومعاوية:
دارت مراسلات عديدة بين «على» و «معاوية» - رضى الله عنهما -
يطلب الأول من الآخر مبايعته بالخلافة، والإذعان لأوامره، باعتباره
الخليفة الشرعى الذى بايعه معظم الصحابة فى «المدينة»، على حين
يطلب الثانى من الأول القصاص من قتلة «عثمان»، باعتباره ولى
دمه، لأنه ابن عمه، وبعدها ينظر فى بيعته.
ولم تكن وجهة نظر الإمام فى قضية القصاص رافضة، لكنه كان يرغب
فى تأجيلها حتى تتهيأ الظروف المناسبة، ولكن «معاوية» تمسك
بالقصاص أولا، وجعله شرطًا لازمًا يسبق البيعة.
ولما لم تؤد الاتصالات بينهما إلى نتيجة، وصلت رسالة من «معاوية»
إلى «على» تتضمن جملة واحدة، هى: «من معاوية إلى على»،
بعثها «معاوية» بيضاء مع رجل يدعى «قبيصة» من «بنى عبس»،
وأمره أن يدخل بها «المدينة»، رافعًا يده حتى يراها الناس، ويعلموا
أن «معاوية» لم يبايع «عليًّا»، إذ يخاطبه باسمه فقط دون أن يصفه
بأمير المؤمنين.
وأدرك علىٌّ رضى الله عنه- أن حمل معاوية على البيعة سلمًا غير
ممكن، فأخذ يعد العدة لحمله على البيعة بالقوة، باعتباره خارجًا
على طاعة الخليفة، على الرغم من أن كثيرين نصحوه بعدم اللجوء