ويعود الناس إلى بلادهم، حتى يتمكن من التحقيق فى الأمر وإقامة

الحد، وقد اقتنع الصحابة بهذا الحل، لكن الأمور تطورت تطورًا آخر

على غير ما يهوى الجميع.

- وتغيير كل ولاة «عثمان» على الولايات الكبرى: «مصر» و «الشام»،

و «الكوفة»، و «البصرة» حتى تهدأ الفتنة. وقد اتخذ «على» بالفعل

قرارًا بذلك، فعزل «معاوية بن أبى سفيان» عن الشام، وعين بدلا

منه «سهل بن حنيف»، وعزل «عبدالله بن سعد بن أبى السرح» عن

«مصر» وعين بدلا منه «قيس بن سعد بن عبادة»، وعزل «عبدالله بن

عامر» عن «البصرة» وعين بدلا منه «عثمان بن حنيف»، وعزل «أبا

موسى الأشعرى» عن «الكوفة»، وعين بدلا منه «عمارة بن شهاب».

وهذا القرار الخطير راجعه فيه أقرب الناس وأخلصهم له، ابن عمه

«عبدالله بن عباس»، ونصحه بالانتظار فترة ولو لمدة سنة، لتكون

الأمور قد هدأت واستقرت، ويتم التغيير فى ظرف مناسب، لكن الإمام

أصر على تنفيذ قراره محتجًا بأن هؤلاء الثوار ثاروا غضبًا من ولاة

«عثمان»، سواء أكانوا مخطئين أم مصيبين، ولن تهدأ ثورتهم إلا إذا

عُزِلوا.

وإزاء إصرار على - رضى الله عنه - على تنفيذ قراره، اقترح «ابن

عباس» أمرًا آخر، بأن يعزل من يشاء من الولاة، ويُبقى «معاوية»

على ولاية الشام، وكان اقتراحًا ذكيًا وجيهًا، فمعاوية لم يكن موضع

شكوى أحد من رعيته، ولم يشترك أهل الشام فى الثورة على

«عثمان» وقتله، وعلى هذا فلو أقره علىّ فى ولاية الشام، فلن

يلومه أحد، وكان «ابن عباس» يعرف من ناحية أخرى أن «معاوية»

لن يذعن لقرار العزل، وسيبقى فى لايته، مسببًا متاعب كثيرة، ومع

هذا صمم الإمام «على بن أبى طالب» على عزل ولاة «عثمان» جميعًا

بما فيهم «معاوية».

بدأ الولاة الجدد يتجهون إلى ولاياتهم لمباشرة أعمالهم، فذهب

«قيس بن سعد» إلى «مصر»، ودخلها بدون متاعب؛ لأن واليها القديم

«عبدالله بن سعد» تركها منذ علمه بمقتل «عثمان»، وذهب إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015